(لا ينبغي لعبد أن يقول إنه) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي أن يقول أنا (خير من يونس بن متى) بفتح الميم والفوقية المشددة مقصورًا (ونسبه إلى أبيه) جملة حالية أي ليس لأحد أن يفضل نفسه على يونس أو ليس لأحد أن يفضلني عليه تفضيلاً يؤدي إلى تنقيصه لا سيما إن توهم ذلك من قصة الحوت، فإنها ليست حاطّة من مرتبته العلية صلوات الله وسلامه على جميعهم وزادهم شرفًا أو قاله تواضعًا أو قاله قبل علمه بسيادته على الجميع والدلائل متظاهرة على تفضيله عليهم.
والحديث سبق في سورة النساء والأنعام وليس فيه عن ربه ولا عن ربه وكذا في أحاديث الأنبياء عن حفص بن عمر بالسند المذكور. قال في الفتح: وقد أخرجه الإسماعيلي من رواية عبد الرحمن بن مهدي ولم أر في شيء من الطرق عن شعبة فيه عن ربه ولا عن الله، وقال السفاقسي: ليس في أكثر الروايات يرويه عن ربه فإن كان محفوظًا فهو من سوى النبي ﷺ.
وبه قال:(حدّثنا أحمد بن أبي سريج) بالسين المهملة المضمومة آخره جيم هو أحمد بن الصباح أبو جعفر بن أبي سريج النهشلي الرازي قال: (أخبرنا شبابة) بالشين المعجمة وتخفيف الموحدة الأولى ابن سوار بفتح المهملة وتشديد الواو أبو عمرو الفزاري مولاهم قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن معاوية بن قرة) بضم القاف وتشديد الراء المفتوحة المزني (عن عبد الله بن مغفل) بضم الميم وفتح المعجمة وتشديد الفاء المفتوحة، ولأبي ذر المغفل (المزني)﵁ أنه (قال: رأيت رسول الله ﷺ يوم الفتح على ناقة له يقرأ سورة الفتح أو من سورة الفتح) بالشك من الراوي (قال: فرجع فيها) بتشديد الجيم أي ردّد صوته بالقراءة (قال) شعبة (ثم قرأ معاوية يحكي قراءة ابن مغفل، وقال) معاوية (لولا أن يجتمع الناس عليكم لرجعت كما رجع ابن مغفل يحكي النبي ﷺ) قال ابن بطال فيه إن القراءة بالترجيع والإلحان تجمع نفوس الناس إلى الإصغاء إليه وتستميلها بذلك حتى لا تكاد تصبر عن استماع الترجيع المشوب بلذة الحكمة المهيمنة قال شعبة (فقلت لمعاوية: فكيف كان ترجيعه؟ قال: ءاءاءا ثلاث مرات) بهمزة مفتوحة بعدها ألف وهو محمول على الإشباع في محله وسبقت مباحثه في فضائل القرآن، وفيه جواز القراءة بالترجيع والإلحان الملذذة للقلوب بحسن الصوت، ووجه دخول هذا الحديث في هذا الباب أنه ﷺ كان أيضًا يروي القرآن عن ربه. وقال الكرماني: الراوية عن الرب أعمّ من أن تكون قرآنًا أو غيره بالواسطة أو بدونها لكن المتبادر إلى الذهن المتداول على الألسنة كان بغير الواسطة.