(باب قول الله تعالى: (﴿بل هو قرآن مجيد) أي شريف عالي الطبقة في الكتب وفي نظمه وإعجازه فليس كما تزعمون أنه مفتري وأنه أساطير الأوّلين (﴿في لوح محفوظ﴾ [البروج: ٢٢]) من وصول الشياطين إليه. وقوله تعالى (﴿والطور﴾) الجبل الذي كلم الله عليه موسى وهو بمدين (﴿وكتاب مسطور﴾ [الطور: ١]).
(قال قتادة) فيما وصله المؤلف في كتاب خلق أفعال العباد أي (مكتوب يسطرون) أي (يخطون) رواه عبد بن حميد من طريق شيبان عن قتادة (في أم الكتاب جملة الكتاب وأصله) كذا أخرجه عبد الرزاق في تفسيره عن معمر عن قتادة (﴿ما يلفظ من قول﴾ [ق: ٨]) أي (ما يتكلم من شيء إلا كتب عليه) وصله ابن أبي حاتم من طريق شعيب بن إسحاق عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن ومن طريق زائدة بن قدامة عن الأعمش عن مجمع قال الملك مداده ريقه وقلمه لسانه.
(وقال ابن عباس)﵄ في قوله تعالى: ﴿ما يلفظ من قول﴾ (يكتب الخير والشر) وقوله: (﴿يحرفون﴾) في قوله تعالى: (﴿يحرفون الكلم عن مواضعه﴾ [المائدة: ١٣] أي (يزيلون وليس أحد يزيل لفظ كتاب من كتب الله ﷿، ولكنهم يحرفونه يتأوّلونه على غير تأويله). يحتمل أن يكون هذا من كلام المؤلف ذيّل به على تفسير ابن عباس، وأن يكون من بقية كلام ابن عباس في تفسير الآية. وقد صرح كثير بأن اليهود والنصارى بدلوا ألفاطًا كثيرة من التوراة والإنجيل وأتوا بغيرها من قبل أنفسهم، وحرّفوا أيضًا كثيرًا من المعاني بتأويلها على غير الوجه ومنهم من قال: إنهم بدلوهما كلهما، ومن ثم قيل بامتهانهما وفيه نظر إذ الآيات والأخبار كثيرة في أنه بقي منهما أشياء كثيرة لم تبدل منها آية الذين يتبعون الرسول النبي الأمي وقصة رجم اليهوديين، وقيل التبديل وقع في اليسير منهما، وقيل وقع في المعاني لا في الألفاظ وهو الذي ذكره هنا وفيه نظر فقد وجد في الكتابين ما لا يجوز أن يكون بهذه الألفاظ من عند الله أصلاً، وقد نقل بعضهم الإجماع على أنه لا يجوز الاشتغال بالتوراة والإنجيل ولا كتابتهما ولا نظرهما وعند أحمد والبزار، واللفظ له من حديث جابر قال: نسخ عمر كتابًا من التوراة بالعربية فجاء به