(إن أصحاب هذه الصور) أي المصوّرين والمراد بالصور هنا التماثيل التي لها روح (يعذبون يوم القيامة ويقال لهم) على سبيل التهكم والتعجيز (أحيوا) بفتح الهمزة (ما خلقتم) أي اجعلوا ما صوّرتم حيوانًا ذا روح فلا يقدرون على ذلك فيستمر تعذيبهم.
واستشكل بأن استمرار التعذيب إنما يكون للكافر وهذا مسلم. وأجيب: بأن المراد الزجر الشديد بالوعيد بعقاب الكافر ليكون أبلغ في الارتداع وظاهره غير مراد وهذا في حق العاصي بذلك أما من فعله مستحلاًّ فلا إشكال فيه وفيه إطلاق لفظ الخلق على الكسب استهزاء أو ضمن خلقتم معنى صوّرتم تشبيهًا بالخلق وأطلق بناء على زعمهم فيه. قال في الفتح: والذي يظهر أن مناسبة ذكر حديث المصورين للترجمة من جهة أن من زعم أنه يخلق فعل نفسه لو صحت دعواه لما وقع الإنكار على هؤلاء المصوّرين فلما كان أمرهم بنفخ الروح فيما صوّروه أمر تعجيز ونسبة الخلق إليهم إنما هي على سبيل التهكم دلّ على فساد قول من نسب خلق فعله إليه استقلالاً اهـ.
وهذا الحديث أخرجه النسائي في الزينة وابن ماجة في التجارات.
وبه قال:(حدّثنا أبو النعمان) محمد بن الفضل السدوسي قال: (حدّثنا حماد بن زيد) أي ابن درهم (عن أيوب) السختياني (عن نافع عن ابن عمر ﵄) أنه (قال: قال النبي ﷺ):
(إن أصحاب هذه الصور) المصوّرين لها (بعذبون يوم القيامة) بفتح ذال يعذبون (ويقال لهم أحيوا ما خلقتم). واستدل به على أن أفعال العباد مخلوقة لله للحوق الوعيد بمن تشبه بالخالق فدل على أن غير الله ليس بخالق. وأجاب بعضهم بأن الوعيد وقع على خلق الجواهر ورد بأن الوعيد لاحق باعتبار الشكل والهيئة وليس ذلك بجوهر.
وبه قال:(حدّثنا محمد بن العلاء) الهمداني أبو كريب الكوفي قال: (حدّثنا ابن فضيل) هو محمد بن فضيل بضم الفاء وفتح الضاد المعجمة ابن غزوان الضبي مولاهم الحافظ أبو عبد الرحمن (عن عمارة) بضم العين وتخفيف الميم ابن القعقاع (عن أبي زرعة) هرم بكسر الراء ابن عمرو بن جرير البجلي أنه (سمع أبا هريرة ﵁ قال: سمعت النبي ﷺ يقول):