الجملة بعد وفي رواية مسلم ما يؤيد ذلك ولفظه ليس ينادي بها أحد (فتكلموا) أي الصحابة ﵃(يومًا في ذلك، فقال بعضهم: اتخذوا ناقوسًا) بكسر الخاء على صورة الأمر (مثل ناقوس النصارى،) الذي يضربونه لوقت صلاتهم (وقال بعضهم: بل بوقًا) أي اتخذوا بوقًا بضم الموحدة (مثل قرن اليهود) الذي ينفخ فيه فيجتمعون عند سماع صوته ويسمى الشبور بفتح الشين المعجمة وتشديد الموحدة المضمومة فافترقوا فرأى عبد الله بن زيد الأذان فجاء إلى النبي ﷺ فقصّ عليه رؤياه فصدقه وسقطت واو وقال لأبي الوقت ويل في رواية أخرى (فقال عمر) بن الخطاب ﵁(أو لا) بهمزة الاستفهام وواو العطف على مقدّر أي أتقولون بموافقتهم ولا (تبعثون رجلاً) زاد الكشميهني منكم حال كونه (ينادي بالصلاة؟) وعلى هذا فالفاء هي الفصيحة والتقدير كما مرّ فافترقوا قاله القرطبي وتعقبه الحافظ ابن حجر بأن سياق حديث عبد الله بن زيد يخالف ذلك فإن فيه أنه لما قصّ رؤيه على النبي ﷺ قال فسمع عمر الصوت فخرج فأتى النبي ﷺ فقال: رأيت مثل الذي رأى فدلّ على أن عمر لم يكن حاضرًا لما قصّ عبد الله قال والظاهر أن إشارة عمر بإرسال رجل ينادي بالصلاة كانت عقب المشاورة فيما يفعلونه وأن رؤيا عبد الله كانت بعد ذلك وتعقبه العيني بحديث أبي بشر عن أبي عمير بن أنس عن عمومة له من الأنصار عند أبي داود فإنه قال فيه بعد قول عبد الله بن زيد: إذ أتاني آتٍ فأراني الأذان وكان عمر قد رآه قبل ذلك فكتمه فقال له النبي ﷺ: ما منعك أن تخبرنا إلى آخره وليس فيه أن عمر سمع الصوت فخرج فقال فهو يقوّي كلام القرطبي ويردّ كلام بعضهم أي ابن حجر انتهى.
وأجاب ابن جحر في انتقاض الاعتراض بأنه إذا سكت في رواية أبي عمير عن قوله فسمع عمر الصوت فخرج وأثبتها ابن عمر إنما يكون إثبات ذلك دالاًّ على أنه لم يكن حاضرًا فكيف يعترض بمثل هذا (فقال) بالفاء ولأبي الوقت وقال (رسول الله ﷺ:)(يا بلال، قم فنادِ بالصلاة) أي اذهب إلى موضع بارز فنادِ فيه بالصلاة ليسمعك الناس كذا قاله النووي متعقبًا من استنبط منه مشروعية الأذان قائمًا كابن خزيمة وابن المنذر وعياض نعم هو سنة فيه وبه استدلّ العلاّمة الجلال المحلي للقيام موافقة لمن تعقبه النووي فإن قلت ما الحكمة في تخصيص الأذان برؤيا رجل ولم يكن بوحي، أجيب لما فيه من التنويه بالنبي ﷺ والرفع لذكره لأنه إذا كان على لسان غيره كان أرفع لذكره وأفخر لشأنه على أنه روى أبو داود في المراسيل أن عمر لما رأى الأذان جاء ليخبر النبي ﷺ فوجد الوحي قد ورد بذلك فما راعه إلا أذان بلال فقال له ﵊: سبقك بها الوحي.
ورواة هذا الحديث خمسة وفيه التحديث والإخبار والقول وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي.