(وكان ابن عمر) بن الخطاب مما رواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة من طريق نسير بالنون والمهملة مصغرًا ابن ذعلوق، بالذال المعجمة المضمومة وسكون العين المهملة وضم اللام، عنه (لا يجعل إصبعيه في أُذنيه) المراد بالإصبع كالسابقة الأنملة، فهو من باب إطلاق الكل وإرادة الجزء، وعبر في الأول بقوله: ويذكر بالتمريض، وفي الثاني بالجزم، ليفيد أن ميله إلى عدم جعل إصبعيه في أُذنيه، فللَّه درّه من إمام أدق نظره.
(قال إبراهيم) النخعي مما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه عن جرير عن منصور عنه: (لا بأس أن يؤذن) المؤذن وهو (على غير وضوء) نعم يكره للمحدث حدثًا أصغر لحديث الترمذي مرفوعًا لا يؤذن إلاّ متوضئ وفي إسناده ضعف.
وقال الشافعي في الأم: ويكره الأذان بغير وضوء ويجزئ إن فعل انتهى.
وللجنب أشدّ كراهة لغلظ الجنابة، والإقامة أغلظ من الأذان في الحديث والجنابة لقربها من الصلاة.
(وقال عطاء) هو ابن أبي رباح مما وصله عبد الرزاق عن ابن جريج عنه (الوضوء) وللأذان (حق) ثابت في الشرع (وسُنّة) مسنونة هو من الصلاة هو فاتحة الصلاة.
(وقالت عائشة) أم المؤمنين ﵂ مما وصله مسلم ويؤيد قول النخعي: (كان النبي ﷺ يذكر الله على كل أحيانه) سواء كان على وضوء أو لم يكن لأن الأذان ذكر فلا يشترط له الوضوء ولا استقبال القبلة كما لا يشترط لسائر الأذكار. وحينئذٍ، فلا يلحق الأذان بالصلاة لمخالفتها حكمه فيهما، ومن ثم عرفت مناسبة ذكره لهذه الآثار عقب هذه الترجمة، وأدنى المناسبة كافٍ ولاختلاف العلماء فيها ذكرها بلفظ الاستفهام ولم يجزم.
وبه قال:(حدّثنا محمد بن يوسف) الفريابي (قال: حدّثنا سفيان) الثوري (عن عون بن أبي جحيفة) بضم الجيم (عن أبيه) أبي جحيفة وهب بن عبد الله (أنه رأى بلالاً) المؤذن (يؤذن)، قال أبو جحيفة:(فجعلت أتتبع فاه هاهنا وهاهنا بالأذان) أي فيه.
ولمسلم: فجعلت أتتبع فاه هاهنا وهاهنا يمينًا وشمالاً، يقول: حي على الصلاة حيّ على الفلاح، ففيه تقييد الالتفات في الأذان، وأن محله عند الحيعلتين، أي من غير تحويل صدره عن القبلة، وقدميه عن مكانهما، وأن يكون الالتفات يمنًا في الأولى وشمالاً في الثانية، وفائدته تعميم الناس بالإسماع.