(وقال مجاهد في) تفسير (قوله) تعالى (﴿ونكتب ما قدموا وآثارهم﴾ قال: خطاهم) رواه ابن أبي نجيح وغيره عن مجاهد مما ذكره في تفسيره وللأصيلي وأبي ذر وقال: قال مجاهد: خطاكم، آثار المشي بأرجلكم في الأرض. ولابن عساكر، قال مجاهد: خطاهم: آثارهم، هي المشي في الأرض بأرجلهم.
وبه قال (حدّثنا) بواو العطف، ولغير أبي ذر، وقال (ابن أبي مريم) سعيد بن الحكم بن محمد بن أبي مريم الجمحي البصري (أخبرنا يحيى بن أيوب) الغافقي المصري (قال: حدّثني) بالإفراد (حميد) الطويل (قال: حدّثني) بالإفراد أيضًا (أنس) هو ابن مالك ﵁، ولأبي ذر: عن أنس (أن بني سلمة) بكسر اللام (أرادوا أن يتحوّلوا عن منازلهم) لكونها كانت بعيدة من المسجد (فينزلوا) منزلاً (قريبًا من النبي) أي من مسجده (ﷺ، قال) أنس: (فكره رسول الله) ولأبي ذرّ: النبي (ﷺ أن يعروا المدينة) بضم المثناة التحتية وسكون العين المهملة وضم الراء أي: يتركوها خالية، وللكشميهني: أن يعروا منازلهم، فأراد رسول الله ﷺ أن تبقى جهات المدينة عامرة بساكنيها، (فقال)
(لا تحتسبون أثاركم) أي: ألا تعدون خطاكم عند مشيكم إلى المسجد، زاد في رواية الفزاري: في الحج، فأقاموا. ولمسلم، من حديث جابر، فقالوا: ما يسرنا أنّا كنّا تحوّلنا (قال مجاهد: خطاكم: آثارهم، أن يُمشى بضم أوّله وفتح ثالثه، وفي رواية: أن يمشوا. وفي رواية لأبي ذر: (والمشي في الأرض بأرجلهم).
وزاد قتادة فقال: لو كان الله ﷿ مغفلاً شيئًا من شأنك يا ابن آدم، اغفل ما تعفي الرياح من هذه الآثار، ولكن أحصى على ابن آدم أثره وعمله كله حتى أحصى عليه هذا الأثر فيما هو من طاعة الله تعالى، أو من معصيته. فمن استطاع منكم أن يكتب أثره في طاعة الله فليفعل.
وأشار المؤلّف بهذا التعليق، المسوق مرتين، إلى أن قصة بني سلمة كانت سبب نزول هذه الآية، وقد ورد مصرحًا به عند ابن ماجة بإسناد قوي، وكذا عند ابن أبي حاتم، قال الحافظ ابن كثير: وفيه غرابة من حيث ذكر نزول هذه الآية والسورة بكمالها مكية اهـ.
قلت قال أبو حيان: السورة كلها مكية، لكن زعمت فرقة أن قوله: ﴿ونكتب ما قدّموا وآثارهم﴾ نزل في بني سلمة من الأنصار، وليس هذا زعمًا صحيحًا. اهـ. لكن يترجح الأوّل بقوّة إسناده.