للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المناصب، لا سيما وقد أغنت عن مشاق التوصّل إليها بمراودة ونحوها، وهي رتبة صدّيقية، ووراثة نبوية.

(و) السادس: (رجل تصدّق) تطوعًا حال كونه قد (أخفى) الصدقة، ولأحمد: تصدق فأخفى. وللمؤلّف، في الزكاة، كمالك: فأخفاها. فحمل على أن راوي الأوّل حذف العاطف.

وللأصيلي: تصدّق. إخفاء بكسر الهمزة والمدّ أي صدقة إخفاء. فنصب بمصدر محذوف، أو حالاً من الفاعل، أي مخفيًّا. قال البدر على تأويل المصدر باسم الفاعل جعل كأنه نفس الإخفاء مبالغة (حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه) جملة في موضع نصب بتعلم ذكرت للمبالغة في إخفاء الصدقة والإسرار بها. وضرب المثل بهما لقربهما وملازمتهما. أي لو قدّر أن الشمال رجل متيقظ لما علم صدقة اليمين للمبالغة في الإخفاء فهو من مجاز التشبيه أو من مجاز الحذف، أي حتى لا يعلم ملك شماله أو حتى لا يعلم من على شماله من الناس، أو هو من باب تسمية الكل بالجزء، فالمراد بشماله نفسه، أي أن نفسه لا تعلم ما تنفق يمينه.

ووقع في مسلم: حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله، ولا يخفى أن الصواب ما في البخاري، لأن السُّنَّة المعهودة إعطاء الصدقة باليمين لا بالشمال، والوهم فيه من أحد رواته، وفي تعيينه خلاف. وهذا يسميه أهل الصناعة: المقلوب. ويكون في المتن والإسناد.

(و) السابع: (رجل ذكر الله) بلسانه أو بقلبه حال كونه (خاليًا) من الخلق لأنه أقرب إلى الإخلاص وأبعد من الرياء، أو خاليًا من الالتفات إلى غير المذكور تعالى، وإن كان في ملأ ويدل له رواية البيهقي بلفظ: ذكر الله بين يديه (ففاضت عيناه) من الدمع لرقة قلبه وشدة خوفه من جلاله أو مزيد شوقه إلى جماله. والفيض انصباب عن امتلاء، فوضع موضع الإمتلاء للمبالغة، أو جعلت العين من فرط البكاء كأنها تفيض بنفسها.

وذكر الرجال في قوله: ورجل لا مفهوم له، فتدخل النساء؟ نعم. لا يدخلن في الإمامة العظمى، ولا في خصلة ملازمة المسجد، لأن صلاتهنّ في بيتهنّ أفضل، لكن يمكن في الإمامة حيث يكن ذوات عيال فيعدلن، ولا يقال لا يدخلن في خصلة من دعته امرأة لأنًّا نقول: إنه يتصور في امرأة دعاها ملك جميل مثلاً للزنا، فامتنعت خوفًا من الله مع حاجتها. وذكر المتحابين لا يصير العدد ثمانية لأن المراد عدّ الخصال لا عدّ المتصفين بها.

ومفهوم العدد بالسبعة لا مفهوم له، بدليل ورود غيرها. ففي مسلم من حديث أي اليسر مرفوعًا: من أنظر معسرًا أو وضع له أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.

وزاد ابن حبّان، وصححه من حديث ابن عمر المغازي، وأحمد والحاكم من حديث سهل بن حنيف عون المجاهد، وكذا زاد أيضًا من حديثه: إرفاد الغارم، وعون المكاتب.

والبغوي في شرح السُّنَّة: التاجر الصدوق.

<<  <  ج: ص:  >  >>