من يكون في الصلاة بالإيماء أولى من النطق، وسقط لفظ النبي في رواية الأصيلي (أن مكانك) نصب بتقدير الجزم، والهمزة مفتوحة والنون مخففة (ثم أتي به)﵊(حتى جلس إلى جنبه) أي جنب أبي بكر الأيسر، كما سيأتي إن شاء الله تعالى في رواية الأعمش، وفي رواية موسى بن أبي عائشة: فقال أجلساني إلى جنبه فأجلساه (فقيل للأعمش) سليمان بن مهران بالفاء قبل القاف، ولغير أبوي ذر والوقت وابن عساكر: قيل للأعمش (وكان) بالواو، وللأربعة: فكان (النبي ﷺ يصلّي، وأبو بكر يصلّي بصلاته، والناس يصلون بصلاة أبي بكر) أي بصوته الدالّ على فعل النبي ﷺ، لا أنهم مقتدون بصلاته، لئلا يلزم الاقتداء بمأموم. ويأتي البحث فيه إن شاء الله تعالى، ولأبوي ذر والأصيلي وابن عساكر: والناس يصلون بصلاة أبي بكر (فقال) الأعمش (برأسه: نعم) فإن قلت: ظاهر قوله فقيل للأعمش إلخ، إنه منقطع لأن الأعمش لم يسنده، أجيب بأن في رواية أبي معاوية عنه ذكر ذلك متصلاً بالحديث، وكذا في رواية موسى بن أبي عائشة، وغيرها قاله في الفتح (رواه) وفي رواية: ورواه أي الحديث المذكور (أبو داود) الطيالسي مما وصله البزار (عن شعبة عن الأعمش) سليمان بن مهران (بعضه) نصب بدل من ضمير رواه، ولفظ البزار: كان رسول الله ﷺ المقدم بين يدي أبي بكر. كذا رواه مختصرًا.
(وزاد معاوية) محمد بن حازم الضرير في روايته عن الأعمش، مما وصله المؤلّف في باب: الرجل يأتم بالإمام ويأتم الناس بالمأموم، عن قتيبة عنه (جلس)ﷺ(عن يسار أبي بكر)﵁(فكان) وفي رواية وكان (أبو بكر يصلّي) حال كونه (قائمًا) وعند ابن المنذر من رواية مسلم بن إبراهيم عن شعيب: أن النبي ﷺ صلّى خلف أبي بكر.
وعند الترمذي، والنسائي، وابن خزيمة، من رواية شعبة عن نعيم بن أبي هند عن شقيق، أن النبي ﷺ صلّى خلف أبي بكر.
فمن العلماء من رجح أن أبا بكر كان مأمومًا، لأن أبا معاوية أحفظ لحديث الأعمش من غيره، واستدلّ الطبري بهذا على أن للإمام أن يقطع الاقتداء به، ويقتدي هو بغيره من غير أن يقطع الصلاة، وعلى جواز إنشاء القدوة في أثناء الصلاة، وعلى جواز تقدّم إحرام المأموم على الإمام بناءً على أن أبا بكر كان دخل في الصلاة، ثم قطع القدوة، وائتمّ برسول الله ﷺ.
ومنهم من رجح أنه كان إمامًا لقول أبي بكر، الآتي في باب: من دخل ليؤم الناس ما كان لابن أبي قحافة أن يتقدم بين يدي رسول الله ﷺ، وقد جزم بذلك الضياء، وابن ناصر، وقال أنه صحّ، وثبت أنه ﷺ صلّى خلف أبي بكر مقتديًا به في مرضه الذي مات فيه، ولا ينكر هذا إلاّ جاهل انتهى.
وقد ثبت في صحيح مسلم أنه صلّى خلف عبد الرحمن بن عوف في غزوة تبوك صلاة الفجر.
وكان ﷺ قد خرج لحاجته، فقدّم الناس عبد الرحمن فصلّى بهم. فأدرك ﷺ إحدى الركعتين، فصلّى