أي المدثر بالنبوّة وأعبائها. (﴿قُمْ فَأَنْذِرْ﴾) حذر من العذاب من لم يؤمن بك، وفيه دلالة على أنه أمر بالإنذار عقب نزول الوحي للإتيان بفاء التعقيب، واقتصر على الإنذار لأن التبشير إنما يكون لمن دخل في الإسلام ولم يكن إذ ذاك من دخل فيه. (إلى قوله: والرجز) أي الأوثان (﴿فَاهْجُرْ﴾) زاد الأربعة الآية. (فحمي) بفتح الحاء المهملة وكسر الميم أي فبعد نزول هذه الآية كثر (الوحي) أي نزوله (وتتابع) ولأبي ذر عن الكشميهني وتواتر بالمثناتين بدل وتتابع، وهما بمعنى. وإنما لم يكتف بحمي لأنه لا يستلزم الاستمرار والدوام والتواتر.
ورواة هذا الحديث كلهم مدنيون، وأخرجه في الأدب والتفسير ومسلم أيضًا فيه.
(تابعه) أي تابع يحيى بن بكير شيخ المؤلف في رواية هذا الحديث عن الليث بن سعد، (عبد الله بن يوسف) التنيسي، وحديثه عند المؤلف في التفسير والأدب. (و) كذا تابعه (أبو صالح) كلاهما عن الليث، وأبو صالح هو عبد الله كاتب الليث أو هو عبد الغفار بن داود البكري الحرّاني الإفريقي المولد المتوفى بمصر سنة أربع وعشرين ومائتين وكلاهما روى عنه المؤلف، ووهم في فتح الباري القائل بالثاني، وقد أكثر المؤلف عن الأوّل من المعلقات، وروايته لهذا الحديث عن الليث أخرجها يعقوب بن سفيان في تاريخه مقرونًا بيحيى بن بكير، فيكون رواه عن الليث ثلاثة: يحيى، وعبد الله بن يوسف، وأبو صالح، (وتابعه) أي وتابع عقيل بن خالد شيخ الليث في هذا الحديث أيضًا (هلال بن رداد) بدالين مهملتين، الأولى مشدّدة الطائيّ وليس له في هذا الكتاب إلا هذا الوضع، (عن الزهري) محمد بن مسلم، وحديثه في الزهريات للذهلي، (وقال يونس) بن يزيد بن مشكان الأيليّ بفتح الهمزة وسكون المثناة التحتية التابعي المتوفى بمصر سنة تسع وخمسين ومائة مما وصله في التفسير، (ومعمر) بفتح اليمين وسكون العين أبو عروة بن أبي عمرو بن راشد الأزديّ الحرّانيّ مولاهم عالم اليمن المتوفى سنة أربع أو ثلاث أو اثنتين وخمسين ومائة فيما وصله المؤلف في تعبير الرؤيا في روايتهما عن الزهري (بوادره) كذا في رواية الأصيلي وأبي الوقت بفتح الموحدة جمع بادرة وهي اللحمة التي بين المنكب والعنق تضطرب عند فزع الإنسان، فوافقا عقيلاً عليه إلا أنهما قالا بدل قوله يرجف فؤاده ترجف بوادره، وهما مستويان في أصل المعنى لأن كلاًّ منهما دالّ على الفزع. ولأبي ذر وكريمة عن الكشميهني وأبي الوقت في نسخة وابن عساكر، وقال يونس ومعمر تواتر، وهذا أوّل موضع جاء فيه ذكر المتابعة، وهي أن يختبر الحديث وينظر من الدواوين المبوّبة والمسندة وغيرهما كالمعاجم والمشيخات. والفوائد هل شارك راويه الذي يظن تفرده به راوٍ آخر فيما رواه عن شيخه، فإن شاركه راوٍ معتبر فهي متابعة حقيقية وتسمى المتابعة التامة إن اتفقا في رجال السند كلهم، كمتابعة عبد الله وأبي صالح إذا وافقا ابن بكير في شيخه الليث إلى آخره. وإن شورك شيخه في روايته له عن شيخه فما فوقه إلى آخر السند واحدًا واحدًا حتى الصحابي فتابع أيضًا لكنه في ذلك قاصر عن مشاركته هو كمتابعة هلال إذ وافقه في شيخ شيخه، وكلما بعد فيه المتابع كان أنقص، وفائدتها التقوية ولا اقتصار فيها على اللفظ، بل لو جاءت بالمعنى كفى، كقول يونس ومعمر