أوله (بين التكبير وبين القراءة إسكاتة) بكسر الهمزة بوزن إفعالة، وهو من المصادر الشاذة إذ القياس سكوتًا، وهو منصوب مفعولاً مطلقًا، أي سكوتًا يقتضي كلامًا بعده.
(قال) أبو زرعة (أحسبه) أي أظن أبا هريرة (قال: هنية) بضم الهاء وفتح النون وتشديد المثناة التحتية من غير همز -كذا عند الأكثر أي: يسيرًا وللكشميهني والأصيلي: هنيهة بهاء بعد المثناة الساكنة. وفي نسخة: هنيئة بهمزة مفتوحة بعد المثناة الساكنة، قال عياض والقرطبي: وأكثر رواة مسلم قالوه بالهمز، لكن قال النووي: إنه خطأ، قال: وأصله هنوة، فلما صغرت صارت هنيوة، فاجتمعت واو وياء وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ثم أدغمت. وتعقب بأنه لا يمنع ذلك إجازة الهمزة، فلقد تقلب الواو همزة.
(فقلت بأبي وأمي) أي أنت مفدى أو أفديك بهما (يا رسول الله إسكاتك) بكسر الهمزة وسكون السين والرفع، قال في الفتح: وهو الذي في رواية الأكثرين، وأعربه مبتدأ، لكنه لم يذكر خبره، أو هو منصوب على ما قاله المظهري، أي أسألك إسكاتك، أو في إسكاتك وللمستملي والسرخسي: أسكاتك؟ بفتح الهمزة وضم السين على الاستفهام، ولهما في نسخة أسكوتك؟ (بين التكبير والقراءة) ولأبي ذر، والأصيلي، وأبي الوقت، وابن عساكر: وبين القراءة (ما تقول) فيه؟ (قال)﵊:
(أقول) فيه (اللّهمّ باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت) أي كتبعيدك (بين المشرق والمغرب) هذا من المجاز لأن حقيقة المباعدة إنما هي في الزمان والمكان، أي: امح ما حصل من خطاياي، خل بيني وبين ما يخاف من وقوعه حتى لا يبقى لها مني اقتراب بالكلية.
وهذا الدعاء صدر منه ﵊ على سبيل المبالغة في إظهار العبودية، وقيل: إنه على سبيل التعليم لأمته، وعورض بكونه: لو أراد ذلك لجهر به، وأجيب بورود الأمر بذلك في حديث سمرة عند البزار وأعاد لفظ: بين هنا ولم يقل: وبين المغرب لأن العطف على الضمير المخفوض يعاد معه العامل بخلاف الظاهر، كذا قرره الكرماني، لكن يرد عليه قوله: بين التكبير وبين القراءة.
(اللهمَّ نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس) أي الوسخ وقاف نقني بالتشديد في الموضعين. وهذا مجاز عن إزالة الذنوب ومحو أثرها. وشبه بالثوب الأبيض لأن الدنس فيه أظهر من غيره من الألوان (اللّهمّ اغسل خطاياي بالماء والثلج) بالمثلثة وسكون اللام، وفي اليونينية بفتحها (والبرد) بفتح الراء.
وذكر الأخيرين بعد الأول للتأكيد أو لأنهما ماءان لم تمسّهما الأيدي ولم يمتهنهما الاستعمال قاله الخطابي.