لفظة نحوه، (قال) أي الزهري: (أخبرني) بل بالإفراد، ولأبي ذر أخبرنا (عبيد الله) بالتصغير (ابن عبد الله) بن عتبة بضم العين المهملة وسكون المثناة الفوقية وفتح الموحدة ابن مسعود الإمام الجليل أحد الفقهاء السبعة التابعي المتوفى بعد ذهاب بصره سنة تسع أو ثمان أو خمس أو أربع وتسعين، (عن ابن عباس)﵄ أنه (قال):
(كان رسول الله ﷺ أجود الناس) بنصب أجود خبر كان أي أجودهم على الإطلاق، (وكان أجود ما يكون) حال كونه (في رمضان) برفع أجود اسم كان، وخبرها محذوف وجوبًا على حد قولك أخطب ما يكون الأمير قائمًا وما مصدرية أي أجود أكوان الرسول ﷺ، وفي رمضان سدّ مسد الخبر أي حاصلاً فيه، أو على أنه مبتدأ مضاف إلى المصدر وهو ما يكون، وما مصدرية وخبره في رمضان تقديره أجود أكوانه ﵊ حاصل له في رمضان، والجملة كلها خبر كان واسمها ضمير عائد على الرسول ﷺ. وللأصيلي كأبي ذرّ في اليونينية أجود بالنصب خبر كان، وعورض بأنه يلزم منه أن يكون خبرها اسمها، وأجيب بجعل اسم كان ضمير النبي ﷺ. وما حينئذ مصدرية ظرفية، والتقدير كان ﵊ متصفًا بالأجودية مدة كونه في رمضان مع أنه أجود الناس مطلقًا، وتعقب بأنه إذا كان فيه ضمير النبي ﷺ لا يصح أن يكون أجود خبرًا لكان، لأنه مضاف إلى الكون ولا يخبر بكون عما ليس بكون، فيجب أن يجعل مبتدأ وخبره في رمضان والجملة خبر كان اهـ فليتأمل.
وقال في المصابيح: ولك مع نصب أجود أن تجعل ما نكرة موصوفة، فيكون في رمضان متعلقًا بكان مع أنها ناقصة بناء على القول بدلالتها على الحدث، وهو صحيح عند جماعة، واسم كان ضمير عائد له ﵊ أو إلى جوده المفهوم مما سبق، أي وكان ﵊ أجود شيء يكون، أو وكان جوده في رمضان أجود شيء يكون، فجعل الجود متّصفًا بالأجودية مجازًا كقولهم: شعر شاعر اهـ.
والرفع أكثر وأشهر رواية. ولأبي ذر فكان أجود بالفاء بدل الواو، وفي هذه الجملة الإشارة إلى أن جوده ﵊ في رمضان يفوق على جوده في سائر أوقاته. (حين يلقاه جبريل)﵇، إذ في ملاقاته زيادة ترقيه في المقامات وزيادة اطّلاعه على علوم الله تعالى ولا سيما مع مدارسة القرآن. (وكان) جبريل (يلقاه) أي النبي ﷺ، وجوّز الكرماني أن يكون الضمير المرفوع للنبي والمنصوب لجبريل، ورجح الأوّل العيني لقرينة قوله حين يلقاه جبريل (في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن) بالنصب مفعول ثانٍ ليدارسه، على حدّ جاذبته الثوب، والفاء في فيدارسه عاطفة على يلقاه، فبمجموع ما ذكر من رمضاز ومدارسة القرآن وملاقاة جبريل يتضاعف جوده لأن الوقت موسم الخيرات، لأن نعم الله على عباده تربو فيه على غيره، وإنما دارسه بالقرآن لكي يتقرر عنده ويرسخ أتم رسوخ، فلا ينساه. وكان هذا إنجاز وعده تعالى لرسوله ﵊ حيث قال له: ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى﴾ [الأعلى: ٦]. وقال الطيبي: فيه تخصيص بعد تخصيص على سبيل الترقي