للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال آخر في ذم القصر: [الوافر]

كأنهم كلى بقر الأضاحي ... إذا قاموا حسبتهم قعودا

وقوله:

أنت نقيض اسمه إذا اختلفت ... قواضب الهند والقنا الذبل

أنت لعمري البدر المنير ... ولكنك في حومة الوغى زحل

كأن البدر من شأنه أن يوصف بالنور ويهتدي به الناس في الأسفار؛ فزعم أن هذا الرجل في الحرب يصير نقيض اسمه؛ لأنه يقتل الناس ويثير الغبار بالخيل, فتظلم عليهم الأرض, ويكون فعله في الحرب نقيض فعل البدر في الظلم. ثم ذكر في البيت أنه البدر المنير, ولكنه زحل في موقف الحرب؛ لأنه زحل يزعم المنجمون أنه في صورة الأسود وهو بطيء السير؛ فكأن هذا الرجل الذي هو كالبدر المنير في الحرب زحل؛ لأنه لا يسير سيرًا سريعًا (١٦٢/أ) إذ كان القمر يوصف بسرعة السير. وهو كوكب نحسٍ يكثر الهلكة, وبعض الناس يذهب إلى أن زحل ملك الموت. وزحل مثل عمر لا ينصرف إلا عند ضرورة وقد مر ذكره.

وقوله:

قصدت من شرفها ومغربها ... حتى اشتكتك الركاب والسبل

في هذا البيت مبالغتان:

أحداهما: يجوز أن يكون مثلها, وهي ادعاؤه أن الركاب تشتكي الممدوح من كثرة ما تركب إليه؛ فهذا يجوز مثله؛ لأنها إذا صارت أنضاءً وأخذ منها السير فكأنها تشتكيه.

والأخرى: ادعاؤه أن السبل تشتكيه, أي الطرق, فهذا لا يمكن أن يكون.

وقوله:

لم تبق إلا قليل عافيةٍ ... قد وفدت تجتديكها العلل

عذر الملومين فيك أنهما ... آسٍ جبان ومبضع بطل

يقول: وهبت مالك وغيره حتى كأنك وهبت أكثر صحتك, فلم يبق إلا عافية قليلة,

<<  <   >  >>