[ومن التي أولها]
غيري بأكثر هذا الناس ينخدع ... إن قاتلوا جبنوا أو حدثوا شجعوا
وهي من البسيط الأول في رأي الخليل, ومن السحل الثاني في رأي غيره.
قال: هذا؛ لأنه ذهب بالناس مذهب الخلق والبشر, وذلك جائز, لا اختلاف فيه, ولو أن الكلام منثور لكان الأولى أن يقول: من هؤلاء الناس لأن أكثر ما تجيء هذه الكلمة, والخبر عنها خبر جمعٍ. وفي كتاب الله سبحانه: {إن الناس قد جمعوا لكم} و {يا أيها الناس اتقوا ربكم}. وقال القطامي: [البسيط]
والناس من يلق خيرًا قائلون له ... ما يشتهي ولأم المخطئ الهبل
فإن حمل جبنوا وشجعوا على أكثر فهو أحسن من حمله على هذا الناس؛ لأنهم يقولون: أكثر الناس خرجوا, فيكون أحسن من قولهم: أكثر الناس خرج, وفي كتاب الله عزت كلمته: {وأكثرهم الكافرون}. ولو قال قائل: إن الناس قد خرج إلى موضع كذا لقبح ذلك, وإذا أدخلت الألف واللام على ناس حذفت الهمزة, وأصحاب القياس مجمعون على أنها (٩٩/أ) أناس في الأصل, وأن الألف حذفت لكثرة الاستعمال, وكان أول ذلك أنهم ألقوا حركة الهمزة على اللام, ثم ادغموا اللام في النون, كثر استعمالهم هذه اللفظة فجاؤوا بها في النكرة, قال الشاعر: [الطويل]
بلاد بها كنا وكنا نحبها ... إذ الناس ناس والبلاد بلاد
وربما قالوا في الشعر: الأنس, وينشد: [مجزوء الكامل]
إن المنايا يلطعـ ... ـن على الأناس الآمنينا