للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويروى لعمران الخارجي: [البسيط]

إما سقيت بكاسٍ دار مشربها ... على الأناس فذاقوا جرعة الكاس

وأناس: مأخوذ من الأنس والإنس, وإذا صغروا ناسًا قالوا: نويس, وأجازوا أنيس يردونه إلى الأصل, ومن قال: إن إنسانًا مأخوذ من النسيان جاز أن يدعي في ناسٍ مثل ذلك, وأنهم أرادوا عالمًا ناسيًا أو خلقًا, وكثر الاستعمال حتى حذفت لام فاعلٍ فبقي على فاعٍ, وقرأ بعضهم: {إلا من هو صالو الجحيم} فالوجه أن يكون صالو جمع صالٍ وحذفت النون للإضافة. وأجاز قوم أن يكون صال في معنى صالٍ وقد حذفت ياء فاعل وذلك رديء بعيد في القياس. ومما يشبهه ما روي أن ابن مسعودٍ قرأ: {وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام} , بضم الراء, فهذا يشبه قولهم: صال في معنى صالٍ, وقد رجع أبو الطيب إلى أن خبر عن الناس كما يخبر عن الجماعة؛ لأنه قال:

إن قاتلوا جبنوا أوحدثوا شجعوا

ولو حمل على قوله هذا الناس؛ لوجب أن يقال: إن قاتل جبن أو حدث شجع؛ لأنه ذهب به مذهب الجيل والجنس.

والمعنى أن بعض الناس يدعي الشجاعة إذا لم يكن في حربٍ, فإذا شهد القتال وجد جبانًا, وهذا الخلق موجود في العالم كثير فيه, والأجود إذا وقف على آخر البيت أن يقول: شجعوا بالواو, وذلك مذهب فصحاء العرب. وقد حكى سيبويه وغيره أنهم يحذفون هذه الواو في الوقف إذا كانوا منشدين لا مترنمين, وأنشد سيبويه أبياتًا منها: [البسيط]

<<  <   >  >>