ويقال: إن حجرًا أبا امرئ القيس لما أخذ في قول الشعر أنكر عليه ذلك, وأحضروه, وقال: لا تبرح حتى تأتي بخمسين بيتًا على قافية بين الضرس والثنية, فقيل: أراد الضاد, وقيل: أراد السين. فأما الأطفال من كل الأجناس فتكون الظاء أخف عليهم من الضاد حتى يؤخذوا بإخلاصها والإتيان بها على ما يجب.
[ومن التي أولها]
أهلًا بدارٍ سباك أغيدها ... أبعد ما بان عنك خردها
قال: أغيدها, وهو يريده مؤنثًا؛ لأنه أراد أن المرأة تشبه الغزال, ثم حذف التشبه. قال عدي بن الرقاع العامري: [الكامل]
لولا الحياء وأن رأسي قد عثا ... فيه المشيب لزرت أم القاسم
وكأنها بين النساء أعارها ... عينيه أحور من جآذر جاسم
وسنان أقصده النعاس ورنقت ... في عينه سنة وليس بنائم
شبهها بالجؤذر, وهو ولد البقرة الوحشية. ويجوز أن يكون تذكيرهم المحبوب وهم يريدون المؤنث على معنى الشخص أو الإنسان؛ لأن الإنسان يقع على الرجل والمرأة.
وأجود الروايتين أبعد على أنه أفعل من البعد. والخرد: جمع خريدةٍ على غير قياسٍ؛ لأن فعيلًا وفعيلة ليس بابهما أن يجمعا على فعل, وإنما خرد في الحقيقة جمع خارد أو خاردة, ومن روى أبعد على الاستفهام فالمراد: أتفرح بهذه الدار بعدما بان الذين كنت تكرمها لأجلهم؟ ! . وهذا البيت فيه مجاز واتساع؛ لأن العادة جرت بأن يقال أهلًا بفلانس للقادم, لا للذي يقدم عليه, ولكن لما جعلها سارةً له كما يسر المحبوب القادم جاز أن يقول لها ذلك.
وقوله:
ظلت بها تنطوي على كبدٍ ... نضيجةٍ فيق خلبها يدها
ظلت: مراد بها ظللت, وفيها لغتان: أجودهما فتح الظاء, والأخرى كسرها. وأكثر