الذي أصله النحويون يوجب أن يجوز في الضحك أربعة أوجهٍ: ضحك, وضحك, وضحك. فأما الضحك, بفتح الضاد, وسكون الحاء, فيستعمل في معنى طلع النخل أول ما يبدو, وقيل: إن البلح يسمى ضحكًا, ويقال للعسل الأبيض: ضحك, قال أبو ذؤيب:
فجاء بمزحٍ لم ير الناس مثله ... هو الضحك إلا أنه عمل النحل
وقد قصد الضحك: أي: قد ضحكوا ضحكًا فيه اقتصاد, ثم أسرفوا في ذلك.
[ومن أبيات أولها]
ترك مدحيك كالهجاء لنفسي ... وقليل لك المديح الكثير
(٨٢/أ) وهي من الخفيف الأول.
المدح من قولهم: انمدحت الأرض إذا اتسعت, فكأن قولهم: مدحت الرجل إذا وسعت أمره. والهجاء من قولهم: هجوت الحرف فأنا هاجٍ, إذا تهجيته, كأنهم يريدون أن الهاجي بالشعر يبين شأن الرجل, ويفصل أمره, كما أن اللفظة إذا عمد لها بالهجاء بانت للقارئ ودل عليها الخط المسطور.
وقوله:
غير أني تركت مقتضب الشعـ ... ـر لأمرٍ مثلي به معذور
أصل الاقتضاب: الاقتطاع, وهو من القضب؛ أي: القطع, ومنه قولهم للسيوف: قواضب. وقالوا: اقتضب الناقة إذا اقتطعها من الإبل, فركبها عن غير رياضة, وهي القضيب, وجمعها قضب, قال الفرزدق أنشده ابن السكيت: [البسيط]
إن الطرماح يهجوني لأشتمه ... هيهات هيهات عيلت دونه القضب