للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يمشين رهوًا فلا الأعجاز خاذلة ... ولا الصدور على الأعجاز تتكل

وهذا من الشاعر استفهام على معنى الإنكار, كما تقول للرجل إذا أنكرت عليه جلوسه في موضع: أأنت هاهنا جالس؛ أي لا يحق لك أن تجلس. وإنما أراد أن الريح لا تهب عن إذنه, وأن الغمام لا يسري كما أراد, وكأن هذا المعنى مبني على مدح جليس أو رئيسٍ حضر عنده ففعل معه أفعالًا تشبه هبوب الريح رهوًا, وسرى الغمام كلما شاء؛ ويدلك على ذلك مجيئه في البيت الثاني بقوله:

ولكن الغمام له طباع ... تبجسه بها وكذا الكرام

التبجس: تفتح الغمام بالمطر كأنه قال: ما الريح هابة عن إذني رهوًا ولا الغمام ساريًا كلما شئت, ولكن المذكور قد فعل معي أفعالًا أوهمتني الذي وصفت. وقافيتهما من المتواتر.

[ومن بيتين أولهما]

حييت من قسمٍ وأفدي المقسما ... أمسى الأنام له مجلا معظما

وزنهما من الكامل الأول.

والمعنى: أن رجلًا أقسم عليه ليشربن الخمر, والهاء في «له» يجوز أن تكون عائدة على المقسم, فإذا كانت كذلك فقوله: أمسى الأنام له مجلا معظماً: جملة في موضع الحال من المقسم, وإن عادت على القسم فالجملة في موضع خفضٍ وهي صفة لقسمٍ.

وقوله:

وإذا طلبت رضى الأمير لشربها ... وشربتها فلقد تركت الأحرما

الهاء في شربها عائدة على الخمر ولم يجر لها ذكر؛ لأن الغرض معلوم عند السامع. وزعم أن الخمر محرمة, وأن خلاف الآمر له بشربها حرام, فإذا أرضاه بشربه الخمر فقد ترك الشيء الذي هو أحرم من الراح؛ يعني خلاف الآمر بالشرب. وقافيتهما من المتدارك.

<<  <   >  >>