وذلك تعظيم للممدوح؛ وجعل الجيش - وهو أحدهم - يبارون إلى الروم يده اليمنى؛ لأن الضرب والطعن إنما يكون باليمنى, والمباراة أن يفعل الرجل كما يفعل الآخر.
وقوله:
وإن كنت سيف الدولة العضب فيهم ... فدعنا نكن قبل الضراب القنا اللدنا
يقول: إن كنت سيف الدولة العضب؛ والسيف هو الذي يعول عليه؛ فدعنا نكن قدامك, كما أن الرمح يطعن به قبل الضرب بالسيف؛ فاجعلنا كالقنا الذي يتقدمك.
وقوله:
فلولاك لم تجر الدماء ولا اللها ... ولم يك للدنيا ولا أهلها معنى
اللها: جمع لهوةٍ وهي العطية, وأصل ذلك القبضة من الطعام التي تطرح في فم الرحى. كما يقول: لولا أنت يا سيف الدولة لم تجر دماء الأعداء ولا المواهب إلى المعتفين, ولم يك للدنيا والساكنين بها معنى يعرف.
وقوله:
وما الخوف إلا ما تخوفه الفتى ... وما الأمن إلا ما رآه الفتى أمنا
يقول: إن الفتى قد يتخوف وهو آمن؛ إلا أن التخوف قد حصل معه وإن كان لا تلحق به نكبة. والأمن قد يكون في موضع تخوفٍ وهو يرى أنه في أمن؛ فإذا رأيى ذلك فكأنه لا تخوف عنده, ولا هو في مكان خوفٍ؛ وكأنه يقول: نحن وإن كنا في موضع المخافة فإنا نرى ذلك أمناً.
[ومن أبيات أولها]
ثياب كريمٍ ما يصون حسانها ... إن نشرت كان الهبات صوانها
الوزن من ثاني الطويل.
والصوان: الشيء الذي يصان به الثوب, وهو اسم من: صان يصون, ولو أنه مصدر جارٍ على الفعل لانقلبت الواو فيه ياءً كما يقال: قام قياماً وصام صياماً.