للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله:

ترينا صناع الروم فيها ملوكها ... وتجلو علينا نفسها وقيانها

يقال: امرأة صناع, ولا يقال ذلك للرجل, ولكن يقال له: صنع. يقول: هذه الثياب وليتها صناع من نساء الروم صورت ملوكها في هذه الثياب فرأيناها وجلت علينا نفسها. والأحسن في الهاء أن تكون راجعةً على الصناع (٢٢١/أ) , ويجوز أن تكون عائدةً على الملوك, وتكون نفسها في موضع نفوسها كما قال: [الوافر]

كلوا في نصف بطنكم تعيشوا ... فإن زمانكم زمن خميص

ويقوي عودة الهاء إلى الملوك عطف القيان على النفس, ولا يمتنع أن تكون الهاء للصناع وتكون الهاء في قيانها راجعةً إلى الملوك؛ لأن السامع قد علم أن الصناع لا يكون لها قيان. والمراد بالقيان ها هنا المغنيات.

وقوله:

ولم يكفها تصويرها الخيل وحدها ... فصورت الأشياء إلا زمانها

بالغ في صفة الصناع, وذكر أنها لم تكتف بصنعة الخيل وحدها بل صورت أشياء كثيرة. وقد حكم على أنها صورت الأشياء كلها, وهذا من السرف في القول, واستثنى الزمان؛ لأنها لم تقدر أن تصوره. وقد صور بعض الناس شهور السنة فصور سباط في صورة شيخ يجر رجل عنزٍ ميتة, وصور أيار في صورة حاصدٍ في يده منجل؛ وليس هذا تصويرًا للزمان وإنما هو تشبيه للشهور ببني آدم, فأما الزمان فلا صورة له تدرك.

وقوله:

وما ادخرتها قدرةً في مصورٍ ... سوى أنها ما أنطقت حيوانها

في ادخرتها ضمير يرجع إلى الصناع, والهاء في ادخرتها راجعة إلى الصورة. وقوله: قدرةً في مصور؛ أي لم تقدر هذه الصناع على شيء إلا فعلته في هذه الصورة. والمعنى:

<<  <   >  >>