للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: (٢١٩/أ)

ومن ضاقت الأرض عن نفسه ... حرى أن يضيق بها جسمه

من في هذا البيت مبتدأ. يقول: كانت نفس هذا المذكور عظيمةً تضيق بها الأرض الواسعة, وإذا كان الأمر كذلك فهو حرى - أي جديرًا - أن يضيق جسمه بنفسه فتخرج منه.

[ومن التي أولها]

أما في هذه الدنيا كريم ... تزول به عن القلب الهموم

سأل: هل يوجد كريم في الأرض تزول به هموم القلب؟ وهذا استفهام قد صح مع المستفهم؛ لأنه لا يجاب عنه مما هو له مرض؛ لأن البلاد خلت من الأكرمين. ثم استفهم سائلًا عن مكانٍ يكون أهله لجارهم سارين, فقال:

أما في هذه الدنيا مكان ... يسر بأهله الجار المقيم

وقوله:

تشابت البهائم والعبدى ... علينا والموالي والصميم

يقول: تشابهت العبيد والبهائم, وإن كان العبيد إنساً والبهائم ليست كذلك؛ وإنمنا يريد أنهم تشابهوا في الأخلاق لا في الخلق. والموالي تستعمل في مواضع كثيرة, وهي مأخوذة من: ولي الشيء, فاستعملوا الموالي في بني العم والحلفاء والجيران والعبيد المملوكين والمعتقين. والأصل في الاشتقاق واحد؛ فيقال للمعتق لأنه ولي أمر عبده, ويقال للعبد المعتق: مولى؛ لأن مولاه ولي أمره, وفي الحديث: «الولاء للكبر»؛ أي لأكبر أولاد الرجل. والمعنى: أنه إذا أعتق عبداً وله ولاء فالولاء لولده الذي من صلبه.

والصميم: الخالص من الشيء.

وقوله:

<<  <   >  >>