للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله:

غدا الناس مثليهم به لا عدمته ... وأصبح دهري في ذاره دهورا

يقول: أصبح الناس وقد زادوا به فصاروا مثليهم, وهذا البيت ناصر للبيت الأول؛ لأنه قال: ووقتٍ وفى بالدهر لي عند واحدٍ وفى لي بأهليه؛ أي: كان مثلهم في الغناء والمكارم المحمودة, فلما كان مثل الناس أجمعين صاروا مثليهم. وقوله: وأصبح دهري في ذراه دهورًا: قد زاد في هذا المعنى على ما ذكره في البيت الأول؛ لأنه جعل الوقت وافيًا بالدهر, وجعل الناس مثليهم بالممدوح, وقد جمع في البيت الآخر الدهر, فبالغ فيه أكثر مما بالغ في الرجل؛ لأن الجمع لا نهاية له في العدد, فالدهور تقع على ثلاثةٍ فما زاد. وفائدته في طول الدهر أنه ينال فيه من المآرب ما لا يناله في الدهر القصير, ويصيب المسرة, ويدرك الأماني.

[ومن بيتين أولهما]

أنشر الكباء ووجه الأمير ... وحسن الغناء وصافي الخمور

وهما من المتقارب الأول.

النشر: الرائحة الطيبة. والكباء: العود الذي يتبخر به. يقال: هن يكتبين الكباء؛ أي: يدخلنه تحت ثيابهن, وهذا الاستفهام على معنى التقرير والإيجاب؛ أي: أهذه الأشياء قد اجتمعت في هذا الموضع, فقد سرني لك سرورًا تامًا, ففعل بي كفعل الخمر, فأنا مخمور.

وقوله:

فداو خماري بشربي لها ... فأني سكرت بشرب السرور

هذا معنى مبتذل, ومنه قول الأعشى: [المتقارب]

وكأسٍ شبت على غرةٍ ... وأخرى تداويت منها بها

<<  <   >  >>