وكل أناسٍ سوف تدخل بينهم ... دويهية تصفر منها الأنامل
فقيل: التصغير ها هنا في معنى التعظيم, ولو قيل: إنه صغر الدويهية لأنه أراد الموت؛ ولا شخص يرى له؛ لكان ذلك وجهاً. وجاءت أشياء مصغرةً لا مكبر لها, كقوله للفضة: لجين, وللفرس: كميت.
وقوله:
ولما أن هجوت رأيت عياً ... مقالي لابن آوى يا لئيم
أراد أن من يقول لابن آوى: يا لئيم فإنه في كلامه هاذٍ؛ لأن ابن آوى قد علم صغر شأنه, وأنه يقتات الجيف, ويرضى بالحظ الخسيس؛ فالذام له غير صانعٍ شيئاً يحمد عليه. وآوى: اسم على أفعل فيجب أن لا ينصرف, فإن نكر صرف, فقيل: مررت بابن آوى وابن آوى آخر.
وقوله:
فهل من عاذرٍ في ذا وفي ذا ... فمدفوع إلى السقم السقيم
يقول: هل من عاذرٍ يعذرني في مدحي هذا المذكور وهجوي إياه, فكان مدحه من القضاء الذي لا يقدر الإنسان على دفعه, وهجوه مثل الهذيان؛ إلا أنه حملني عليه إساءته إلي؛ وقد بين ذلك بقوله:
إذا أتت الإساءة من وضيعٍ ... ولم ألم المسيء فمن ألوم
وقافيتها من المتواتر, والوزن من الوافر.
[ومن أبيات أولها]
من أية الطرق يأتي مثلك الكرم ... أين المحاجم يا كافور والجلم