غير مرهون, بما ينقضه؛ فإنما مثل الدهر فيما فعل مثل رجلٍ وهب لآخر شيئًا فرح به, ثم أخذه منه, فكان أسفه عليه أضعاف فرحه به إذ أعطي.
وقوله:
وهو الضارب الكتيبة والطعـ ... ـنة تغلو والضرب أغلى وأغلى
يقول: الطعن وإن كان صعبًا على الطاعن فهو أيسر من الضرب؛ لأن بعد الطاعن من عدوه أكثر من بعد الضارب منه, كما أن الرامي أبعد من الطاعن, وقد رتب هذا الغرض زهير في قوله:[البسيط]
يطعنهم ما ارتموا حتى إذا اطعنوا ... ضارب حتى إذا ما ضاربوا اعتنقا
وقافية هذه القصيدة من المتواتر, ولو لم يكن للمتنبي غير هذه القصيدة في سيف الدولة لكان كثيرًا, وأين منها قصيدة البحتري التي أولها:[الخفيف]
إن سير الخليط لما استقلا
[ومن التي أولها]
ذي المعالي فليعلون من تعالى ... هكذا هكذا وإلا فلا لا
وزنها كالتي قبلها.
ذي في موضع نصب, والأجود أن تكون منصوبةً بفعلٍ مضمرٍ يفسره قوله: فليعلون. وذهب قوم إلى أنك إذا قلت: فلانًا فاضرب؛ فالعامل في المفعول الفعل الذي بعد الفاء, والقول الأول أشبه. وقوله: هكذا هكذا أي ليعلو الناس مثل هذا العلو. وحسن ترديده "لا" لما ردد هكذا.