للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قد وردت تسألك أن تهبها لعل العلل. وقول الناس العافية من قولهم: عفا الشيء, إذا كثر, كأن الجسم يكثر بها, وتحسن حاله, ويجوز أن تكون من قولهم: أعطاه عطاءً عفوًا أي سهلًا؛ أي عيشها عيش سهل؛ فيكون المعنى أن هذه الحالة يسهل العيش فيها.

وكان بدر بن عمار احتاج إلى الفصد فأحضر آسيًا, أي طبيبًا, فلحق الطبيب جبن لهيبته الممدوح فغرق المبضع في اللحم؛ فأدى ذلك إلى شكاة بدر بن عمار. واعتذر أبو الطيب للآسي والمبضع؛ فذكر أن الآسي جبن لفرط الهيبة, وأن المبضع لما عجز الطبيب عن تدبيره كان كالبطل؛ أي الشجاع فوصل إلى موضعٍ لا يجب أن يصل إليه. والمبضع مأخوذ من قولك: بضع الشيء إذا شقه, ويجوز أن يكون مبضع الفصاد سمي مبضعًا لأنه يدخل في بضيع الإنسان أي لحمه.

وقوله:

خامره إذ مددتها جزع ... كأنه من حذاقةٍ عجل

خامره أي خالطه, وأصل الخمر في اللغة تغطية الشيء, ويقال للذي يساتر وينافق: مخامر؛ كأنه يساتر صاحبه. وقيل: خامره أي خالطه؛ لأن كل واحد من الخليطين يستتر بالآخر.

وقوله:

أبلغ ما يطلب النجاح به الطبع وعند التعمق الزلل

أصل التعمق من قولهم: بئر عميقة أي بعيدة القعر, وهي بينة العمق والعمق. وقيل: تعمق في الشيء إذا بالغ في طلبه؛ كأنه من اجتهاده نزل في بئرٍ عميقة.

وقافية هذه القصيدة من المتراكب.

[ومن التي أولها]

بقائي شاء ليس هم ارتحالا ... وحسن الصبر زموا لا الجمالا

وزنها من أول الوافر.

بقائي شاء أي أراد أن يرتحل عني وهم لم يشاؤوا الرحيل, وهذه دعوى لأنهم قد شاؤوا الرحيل لا محالة. وادعى أنهم زموا حسن الصبر, واستعار لهم الزم وأصله للإبل, وقد جاء في

<<  <   >  >>