[ومن قطعة أولها]
قالوا لنا مات إسحق فقلت لهم ... هذا الدواء الذي يشفي من الحمق
ووزنها من البسيط الأول.
والمعنى أن الحمق لا دواء له إلا الموت, وروى بعضهم أن المسيح - عليه السلام - لما أبرأ الأكمه والأبرص جاؤوه بأحمق فقالوا: أبرئ لنا هذا, فقال: هو من عمل الأب, فإذا صح أنه كان يعبر عن الله جلت عظمته بالأب, فإنما أراد أنه يفعل أشياء لا يفعلها غيره, ومن شأنهم إذا ظهر من الإنسان خلق كالسماحة والشجاعة جعلوه أبًا لذلك الخلق, كما قالوا للذي يضيف الناس: هو أب الأضياف, فجعله أباهم وإن كانوا غربا لم يروه قط, ولم يرهم, وقد أبان ذلك القائل في صفة الأضياف: [البسيط]
أدعى أباهم ولم أقرف بأمهم ... وقد عمرت ولم أعرف لهم نسبا
وجعل امرأته أما لهم, فقال: [البسيط]
وقلت لما غدوا أوصي قعيدتنا ... غدي بنيك فلن تلقيهم حقبا
وقوله (١٣٢/أ):
تستغرق الكف فوديه ومنكبه ... وتكتسي منه ريح الجورب العرق
تستغرق: تستفعل من الغرق في الماء, ثم قيل: استغرق الرجل كذا إذا أخذه أجمع فصار المأخوذ كأنه غريق في الماء باحتواء الآخذ عليه, والفودان جانبا الرأس, وأسرف القائل في صفة هذا المذكور بصغر الرأس وضؤولة الخلق. والجورب يوصف بكراهة الرائحة, وأنشد ابن السكيت: [الكامل]
ومؤولقٍ داويت نخوة رأسه ... وتركته ذفرًا كريح الجورب
ومؤولقٍ: أي: به أولق, وهو الجنون. وقافية هذه الأبيات من المتراكب وهو ثلاثة أحرف