ما لنا كلنا جوٍ يا رسول ... أنا أهوى وقلبك المتبول
وزنها من الخفيف الأول.
والأجود أن ترفع كلنا على الابتداء, ويكون جوٍ خبره. وكان بعض الناس يخفض كلنا ويجعله تأكيدًا للضمير في لنا, وهذا وجه رديء؛ لأنه يوجب نصب جوٍ على الحال, فيقال: ما لنا كلنا جويًا؛ فإن لم يفعل ذلك فهو ضرورة.
زعم أنه أرسل رسولًا يثق به, فلما نظر إلى عينينها تغير عن حال الأمانة. والهاء في قلوبهن تحتمل وجهين:
أحدهما: أن تكون راجعةً إلى الأمانات, ويكون قد استعار للأمانات قلوبًا؛ وإنما يعني قلوب المؤتمنين. والآخر: أن (١٥٥/أ) تكون الهاء والنون راجعتين إلى القلوب, كما يقدم المضمر الذي في المفعول فيقال: لبس ثوبه فلان, والمعنى متقارب. والعقول في هذا القول فاعلة, وكذلك في القول الأول؛ إلا أن الضمير هاهنا للعقول.
وقوله:
تشتكي ما اشتكيت من طرب الشو ... ق إليها والشوق حيث النحول
تشتكي تحتمل وجهين: أحدهما خطابًا للرسول الذي ناداه في أول القصيدة؛ أي تشتكي ما اشتكيت وأنت كاذب لأنك لست ناحلًا, وإنما الشوق حيث النحول. ومثل هذه القصة التي ذكرها أبو الطيب جرى لأبي ذؤيبٍ الهذلي مع خالد بن زهير؛ فقال أبو ذؤيب:[الطويل]
ما حمل البختي يوم غياره ... عليه الوسوق برها وشعيرها
بأثقل مما كنت حملت خالدًا ... وبعض أمانات الرجال غرورها