على التقديم والتأخير, كأنه قال: ليس إلا الطيب المسك, وهذا قول من تأمله تأمل منصفٍ غير محابٍ, علم أن العرب لا تتعسف إلى هذا النحو؛ لأنهم يؤثرون ما سهل من الكلام, وكذلك قول من قال في بيت حميدٍ الأرقط: [البسيط]
فأصبحوا والنوى عالي معرسهم ... وليس كل النوى يلقي المساكين
إذا نصب كل أضمر في ليس كيلا يليها شيء انتصب بغيرها, وهذا بعيد جدًا, وإنما (ليس) في معنى (ما) كأنه قال: وما يلقي المساكين كل النوى, فهذا أشبه بمذاهب العرب من الإضمار, وكذلك قول الآخر: [الطويل]
قنافذ دراجون حول خبائهم ... بما كان إياهم عطية عودا
يزعمون أن في كان ضميرًا, والأمر أيسير من ذلك التأويل, وإذا أضمروا في كان لزمهم أن يرفعوا عطية بالابتداء, وإنما هو مرفوع بكان
[ومن التي أولها]
حشاشة نفسٍ ودعت يوم ودعوا ... فلم أدر أي الظاعنين أشيع
وهي من ثاني الطويل في قول الخليل, ومن أول السحل الأول في قول غيره.
يروى: الظاعنين على الجمع, والظاعنين على التثنية؛ فإذا كان جمعًا فهو على ما يجب من الكلام؛ لأنه جعل الحشاشة مودعةً, وجعل المودعين جمعًا, وإذا روي على التثنية فإنه أجرى المودعين, الذي ذكرهم في قوله: ودعوا جارين مجرى الخليط, وهو نحو من قول