الحديث عن بعض الصحابة: «ما تكلمت بكلمةٍ منذ كذا حتى أزمها وأخطمها»؛ فاستعار الزمام للكلمة. وكل شيء منعته من التصرف فقد زممته. وزعم أنهم لم يزموا الإبل, وتلك دعوى ليست بالصحيحة؛ لأن أصحاب الإبل إذا ارتحلوا فلابد لهم من الأزمة.
وقوله:
تولوا بغتةً فكأن بينًا ... تهيبني ففاجأني اغتيالا
يقال: بغته إذا جاءه فجاءةً, وذكر أن البين كأنه تهيبه ففجأه مغتالًا. ومجيئه بهذا الكلام بعد كأن قد خلص لفظه من أن يكون كذبًا.
وقوله:
فكان مسير عيرهم ذميلًا ... وسير الدمع إثرهم انهمالا
العير: الإبل الحاملة, وقد يكون عليها ناس أو غيرهم, قال النابغة: [البسيط]
ودع أمامة والتوديع تعذير ... وما وداعك من قفت به العير
أي من ذهبت به, وقفت فعلت من قفوت, ومعنى قفت العير: أي تبعت آثار غيرها.
وقوله:
كأن العيس كانت فوق جفني ... مناخاتٍ فلما ثرن سالا
يقول: كأن العيس كانت مناخاتٍ فوق جفن عيني فهي مانعة له أن يسيل, فلما ثرن فاض بالدمع. ودخول (١٦٢/ب) كاف التشبيه قد خلص اللفظ من الكذب.
وقوله:
وحجبت النوى الظبيات عني ... فساعدت البراقع والجلالا
النوى: نية القوم, ثم سمي البعد نوى؛ لأن الظاعنين ينوونه, والبراقع جمع برقعٍ, وفيه ثلاث لغات: برقع وبرقع وبرقوع, وبرقع بفتح القاف بناء لم يذكره سيبويه. وقال الشاعر: [الطويل]
وخد كبرقوع الفتاة ملمعٍ ... وروقين لما يعدوا أن تقشرا