وقوله:
إذا وطئت بأيديها صخورًا ... بقين لوطء أرجلها رمالا
هذه مبالغة في شدة الحافر وصلابة الوطء, وهي مبالغة لا يمكن أن يكون مثلها.
وقوله:
جواب مسائلي: أله نظير؟ ... ولا لك في سؤالك لا ألا لا
يقول للسائل عن الممدوح: أله نظير: لا؛ أي لا نظير له, ويقول للسائل: ولا لك نظير أيضًا؛ لأنك جاهل في ظنك أن له نظيرًا. وقد كرر أبو الطيب لا في قوله:
هكذا هكذا وإلا فلا لا
والكلام قد تم عند قوله: ولا لك في سؤالك؛ فجاء بلا ثانية توكيدًا, ثم لم يرض بذلك حتى قال: ألا يا سائلي لا, فإن كان أراد هذا الغرض فليس بالحسن, وأسهل منه أن يصرف إلى معنى آخر؛ وذلك أنهم يقولون: ما بفلان من الضلال والألال, فيجعلون الألال كالإتباع, وتابع الشيء كائن في معناه, (١٦٤/أ) أو قريبًا منه؛ فكأنه على هذا الوجه قال: ولا لك في سؤالك, فتم الكلام أي لا ضلال, فإما أن يكون أراد: لا تضل أيها السائل ضلالًا, أو يكون نفى الضلال عن الناس أن يظنوا بمن مدح هذا الظن.
وقوله:
وأسعد من رأينا مستميح ... ينيل المستماح بأن ينالا
المستميح: الذي يطلب ما عند الناس من العطاء, وهو من قولهم: ماح البئر إذا نزل إلى مائها فاستخرجه, وإنما ذلك لقلته, فكأن مستميح القوم أصله أنهم يعطونه شيئًا قليلًا كما تعطي البئر من نزل من المائحين؛ لأنهم إنما ينزلون إليها إذا قل فيها الماء؛ يقال: ماح البئر ميحًا, قال الراجز: [الرجز]
امتحضا وسقياني ضيحا ... وقد كفيت صاحبي الميحا
امتحضا: أي شربا المحض من اللبن, والضيح: اللبن الكثير الماء.