وقولهم: مرحبًا بالنصب يحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون منصوبًا بفعلٍ مضمرٍ ليس من لفظ مرحبٍ.
والآخر: أن يكون في معنى: رحبت بلادك مرحبصا.
وحكى بعض أهل اللغة: مرحبك الله ومسهلك؛ كأنه دعا له أن يقول له الناس: مرحبًا فجاء بالميم, كما جاؤوا بها في قولهم: تمسكن الرجل, ولما جاء بها في مرحبًا جاء بها في قوله: مسهلك كأنه بناها على أنهم قالوةا: مرحبًا ومسهلًا. ولو لم يتبع أبو الطيب النصف الأول بقوله: إيهًا أبا قاسمٍ وبالرسل لكان قد جعل الترحيب بالهدية دون غيرها. وإيهًا تقال للإنسان إذا أمر بالتقصير عن الشيء والكف, وإيه تقال إذا أردت الزيادة, وكثرت هذه الكلمة حتى صار التنوين كأنه أكمل, وكان الأصمعي يعيب قول ذي الرمة: [الطويل]
وقفنا فقلنا إيه عن أم سالمٍ ... وما بال تكليم الرسوم البلاقع
والقياس يوجب أن يكون قولهم إيه بغير تنوين مرادًا به المعرفة كأن قال: الزيادة, وإذا نون فكأنه نكرة, كأنه قال: زدني زيادةً, وقد أنشدوا بيتًا فيه إيهًا في معنى الأمر بالكف, وقد جعلت نونه ألفًا في القافية, قال الراجز: [الرجز]
إيهًا بني تغلب إيهًا إيها ... نحن بنو الحرب ربينا فيها
ويجوز أن يكون حذف النون للضرورة, وقال آخر فحذف الياء من إيها: [الطويل]
إهًا عد عن ذكر الشباب فإنما ... يقحمك الأهوال قلب متيم
وقال في هذه الأبيات: أبا قاسمٍ فحذف الألف واللام ولم تجر عادته بذلك؛ وقد مدح سيف الدولة وكنيته أبو الحسن فلم يخاطبه بحذف الألف واللام. ومن نظر في القصيدة التي أولها:
أنا لائمي إن كنت وقت اللوائم