وإذا رويت: حين يبتسم كان الإخبار عامًا؛ لأن الغيث لا يسقط في مكان إلا أن يبتسم هذا المعني. وإذا رويت: حيث يبتسم ففي الكلام تخصيص؛ أي لا يسقط الغيث إلا في الموضع الذي يبتسم فيه. ومذهب أبي الطيب المبالغة في هذه الأشياء.
وقوله:
يسمى الحسام وليست من مشابهةٍ ... وكيف يشتبه المخدوم والخدم
(١٩٠/أ) و «ليست» فيها إضمار قبل الذكر لأنه أراد: وليست التسمية عن مشابهة. وقد مر ذكر ذلك, وأنهم يضمرون المصدر إذا دل الفعل عليه؛ كقولك: من فعل الخير كان أجمل به؛ أي كان فعله.
يقول: إن سميت سيفًا فليس بينك وبين السيوف مشابهة؛ لأن الخدم لا تشابه المخدوم, والسيوف من خدمك.
وقوله:
تفرد العرب في الدنيا بمحتده ... وشارك العرب في إحسانه العجم
يقال: عرب وعرب, وعجم وعجم. والمحتد: الأصل, وإنما أخذ من قولهم: حتد بالمكان إذا أقام به. يقول: انفردت العرب بمحتد هذا الممدوح وشاركتها في إحسانه العجم لأنه جوده عام لا يخص.
وقوله:
وأخلص الله للإسلام نصرته ... وإن تقلب في آلائه الأمم
الآلاء: النعم, واحدها إلى وألى وإلي. وأما قول الأعشى: [المنسرح]
أبيض لا يرهب الهزال ولا ... يقطع رحمًا ولا يخون إلى
فيقال: إنه أراد بإلى: إلا؛ أي عهدًا, وتخفيف مثل هذا قليل, وقد جاء تخفيف حل في حشو البيت. قال الشاعر: [الوافر]
إذا احتكم الصبا والشيب عندي ... فحكمت الشباب فما أبالي