وقوله:
وإني لتعدوني عطاياك في الوغا ... فلا أنا مذموم ولا أنت نادم
على كل طيارٍ إليها برجله ... إذا وقعت في مسمعيه الغماغم
يقول: إني لتحملني على الخيل فتعدو بي في الوغا وهي من عطاياك؛ فلا أنا مذموم في الحرب لأني لست بجبان, ولا أنت نادم على إعطائك أياي السوابق؛ لأنك تعلم أنني شجاع أعملها في طاعتك. وجعل الفرس يطير برجله كما يطير الطائر بجناحه, وقد سبقت العرب إلى تشبيه الفرس بالطائر. قال الراجز: [الرجز]
كأن تحتي طائرا بادي الضرم ... لأاحت له حمامة غير أمم
والغمائم: جمع غمغمةٍ وهو صوت لا يفهم. قال المسيب بن علس: [الكامل]
كغماغم الثيران بينهم ... ضرب تغمض دونه الحدق
وقال امرؤ القيس: [الطويل]
فظل لثيران الصريم غماغم ... يداعسها بالسمهري المعلب
(١٩٢/أ) وقوله:
ألا أيها السيف الذي لست مغمدًا ... ولا فيك مرتاب ولا منك عاصم
كان أبو الطيب يختار أن يخاطب الممدوح بالتاء إذا جاء به بعد الذي ونحوها, وقد جاء في هذا البيت بكافٍ في موضعين, فالهاء فيهما أحسن عند أهل العلم, وكون الضمير في ليس نائبًا عن التاء أحسن من قوله: لست, وقد كان يمكنه أن يقول:
ألا أيها السيف الذي ليس مغمدًا ... ولا فيه مرتاب ولا منه عاصم
ثم يخاطبه بالكاف في البيت الثاني؛ فلم يفعل ذلك, وهو قادر عليه. وقافية هذه القصيدة من المتدارك.