للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله:

دهم فوارسها ركاب أبطنها ... مكدودة وبقومٍ لا بها الألم

ابتدأ الشاعر بصفة خيلٍ من الخيل المعروفة, ولم يزل مستمرًا على ذلك إلى قوله: دهم فوارسها, ثم دل ذلك على أنه يريد السفن لأنه وصفها بالدهم؛ يعني أنها مطلية بقارٍ, وجعل فوارسها ركاب أبطنها فدل ذلك على أنه يريد السفن لا غير؛ لأن فرسان الخيل إنما يركبون ظهورها, وزعم أنها مكدودة, وهي لا تحس بذلك كما تحس الخيل.

وقوله: وبقومٍ لا بها الألم؛ أي إنما يألم الذين يمارسونها حتى تسير في الماء, وقد يجوز أن يكون في هذه الغزاة سبحت به الخيل في الماء, وأن يكون ركب السفن؛ وذلك في غزاةٍ واحدةٍ.

وقوله:

من الجياد التي كدت العدو بها ... وما لها خلق منها ولا شيم

يعني: السفن جعلها جيادًا؛ لأنهم ركبوها كما يركبون الخيل, ثم ذكر أنها ليس لها شبه من الخيل في الخلق ولا الشيم. والشيم: جمع شيمةٍ, وهو ماي ظهر من خلق الإنسان, مأخوذة من قولك: شمت السيف إذا سللته.

وقوله:

نتاج رأيك في وقتٍ على عجلٍ ... كلفظ حرفٍ وعاه سامع فهم

استعار النتاج للرأي؛ وإنما هو للحوامل كالناقة والفرس وغيرهما. يقول: إذا افتقر إلى رأيك جاء موفقًا مصيبًا مع عجلةٍ كلفظ الحرف الذي يعيه سامع فهم, فإذا سئل عنه أجاب من غير تلبثٍ.

وقوله:

وقد تمنوا غداة الدرب في لجبٍ ... أن يبصروك فلما أبصروك عموا

يقول: تمنوا لقاءك وقالوا: إن نظرنا إليه بلغنا منه ما نريد وحلفوا على ذلك بمفرق ملكهم, فلما أبصروك عجزوا عنك؛ فكأنهم عموا عن قصدك. وفي هذا المعنى شبه من قول جميل: [الطويل]

<<  <   >  >>