متنيها لصب كخصرها. ثم وصف نفسه بأنه ضعيف القوة يتظلم مما يفعل به. يقال: تظلم الرجل إذا اشتكى الظلم, وتظلم إذا ظلم, قال الجعدي:[الطويل]
وما يشعر الرمح الأصم كعوبه ... بفروة رأس الأبلخ المتظلم
يعني بالأبلخ: المتكبر, ومن روى: فروة رأسه أراد جلده؛ ومن روى: ثروى رهطه أراد كثرتهم. وهذه اللام التي في قوله: لصب إذا تقدمها فعل قبح مجيئها بعده في مثل قولك: ظلمت لفلانٍ. فإن تقدمت اللام على الفعل لم يقبح ذلك؛ تقول: لفلانٍ أعطيت درهمًا, وكذلك إن جئت باللام بعد فاعلٍ أو فعولٍ. فقولك: هو ظالم لعمرو وظلوم لزيد؛ أحسن من قولك: ظلم لعمروٍ؛ لأن الفعل عادته أن يتعدى بغير معد.
وقوله:
فلو كان قلبي دارها كان خليًا ... ولكن جيش الشوق فيه عرموم
يقول: لو كان قلبي دار هذه الموصوفة لكان خاليًا لأنها قد رحلت عنه, ولكنه؛ يعني أن قلبه مملوء بالشوق؛ ففيه منه جيش عرموم؛ أي عظيم.
وقوله:
أثاف بها ما بالفؤاد من الصلا ... ورسم كجسمي ناحل متهدم
أثافٍ: جمع أثفيةٍ, وهي من قولهم: أثف الرجل غيره إذا تبعه, وقيل للواحدة: أثفية؛ لأنها تتبع صاحبتها. والبصريون يحكون تخفيف الياء في الأثافي, والكوفيون يروون التشديد, وعلى الوجهين أنشدوا قول زهير:[الطويل]
أثافي سفعًافي معرس مرجل
والصلا: أثر الناس في الأثافي وغيرها, ولما شبه صلا الأثافي بصلا فؤاده زعم أن جسمه مثل الرسم الذي قد نحل وتهدم.