للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله:

ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى ... عدوًا له ما من صداقته بد

يحتمل أن يعني بالعدو هاهنا عدوًا من بني آدم؛ لأن أكثر العالم لا يخلو من عدو يفتقر إلى أن يظهر له الصداقة, وأحسن من هذا أن يريد بالعدو الدنيا؛ لأن كل أحدٍ مضطر إلى خدمتها كما يخدم صديق محب وقد علم أنها له عدوة.

وقوله:

وإني لتغنيني من الماء نغبة ... وأصبر عنه مثل ما تصبر الربد

النغبة: الجرعة. والفعل نغبت, بكسر الغين. والربد: جمع أربد وربداء. والربدة غبرة إلى سواد, وهي من صفات النعام. وبعض الناس يذكر أنها لا تشرب, وعلى ذلك يوجد تفسير المتقدمين للشعر, قال بشر بن أبي خازم: [المتقارب]

نعامًا بخطمة صعر الخدو ... د لا تطعم الماء إلا صياما

وقد حكى الثقات أنهم رأوها تشرب. ويجوز أن تكون إذا حصلت في المفاوز صبرت عن الماء وترده إذا وجد. وحدث بعض من يسكن بشط الفرات أنه رآها تدخله, فلا يدري أتطلب الماء أم شيئًا غيره مما ترعاه؟

وقوله:

وأمضى كما يمضي السنان لطيتي ... وأطوي كما تطوي المجلحة العقد

لطيتي: أي: لنيتي التي انطوي عليها, وقيل للنية التي أطوي بها الأرض؛ أي: أقطعها, وقد قالوا طية وطيات, فخففوا لكثرة الاستعمال, والمجلحة ها هنا: الذئاب, وكل من اجترأ على شيء, وألح فهو مجلح, قال امرؤ القيس: [الوافر]

أرانا موضعين لحتم غيبٍ ... ونسحر بالطعام وبالشراب

عصافير وذبان ودود ... وأجرأ من مجلحة الذئاب

<<  <   >  >>