وجعل وجهه كالنوم والإثمد؛ إذ كانت العين إذا لم تنم لحقها من ذلك أمر شاق, ولأن الإثمد يحسن العين, ويقوي النظر فيما يزعمون. وقيل: إن زرقاء اليمامة إنما وصفت بحدة النظر لأنها كانت تكثر استعمال الإثمد, واشتقاقه من الثمد, وهو الماء القليل, كأنه يؤخذ بالمرود قليلًا قليلًا, فيكون من قولهم: ثمدت الركي إذا أخذت ماءه قليلًا قليلًا, وماؤه في ذلك نزر. ولا يقال ثمدت الماء الغزير, وقالوا: ثمدت الرجل إذا أخذت منه عطاءً يسيرًا وهو ليس بالمكثر, قال النابغة:[الطويل]
قعودًا لدى أبوابهم يتثمدونهم ... رمى الله في تلك الأكف بكانع
وقوله (٥٣/أ):
لهفان يستوبي بك الغضب الورى ... لو لم ينهنهك الحجى والسؤدد
يستوبي: يستفعل من الوباء, وهو كثرة الموت, وخفف الهمزة للضرورة, وتخفيفها في مثل هذه المواضع كالشيء المستمر. فإذا كان قبلها فتحة جعلوها ألفًا, مثل قولهم: يكلأ, وإذا كان قبلها ضمة جعلوها واوًا كقولك: لؤلؤ, وجؤجؤ, وإذا كان قبلها كسرة جعلت ياءً؛ كقولك: يستوبئ ويخطئ, وقد قرأت القراء بذلك في مثل قوله:{والصابئين والنصارى} يقولون: الصابين. يقال: نهنهته عن الشيء؛ إذا صرفته عنه.