للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقطا الجلهمة». والنحويون يذكرون أن جلهمة بالهاء من أسماء الرجال, وجلهم بغير هاءٍ من أسماء النساء, وينشدون: [البسيط]

أودى ابن جلهم عباد بصرمته ... إن ابن جلهم أمسى حية الوادي

وهم يستشهدون بهذا البيت على الترخيم في غير النداء, أراد ابن جلهمة, والذين يزعمون أنه اسم امرأةٍ يريدون أن يدفعوا بذلك الترخيم في هذا البيت, وحذف الهاء في مثل هذه المواضع غير مستنكرٍ. وقوله: أشفار عينك ذابل ومهند؛ أي: أنصارك قريب منك, فكأنهم في ذلك أشفار عينك, ويحتمل أن يريد أنك إذا نظرت إليهم قام نظرك مقام الرمح والسيف, ونسب ذلك إلى الأشفار؛ لأنها مجاورة لناظر العين, فعلم الغرض في الكلام.

وقوله:

أنى يكون أبا البرية آدم ... وأبوك والثقلان أنت محمد

البرية: مراد بهم الخلق الذي برأه الله, ويجب أن يقع على جميع الحيوان, إلا أن الناس يخصون به بني آدم. والبرية: أصلها الهمز, وهي مما ترك همزه. وقيل: إن أهل مكة يهمزونها. وقال بعض الناس: إمنما ترك همز البرية لأنها مأخوذة من البرى, وهو التراب, وليس البرى بمهموز. والثقلان: يراد بهما الجن والإنس, والمعنى: كيف يكون آدم أبا البرية وأنت الثقلان وأبوك محمد؟ وهذا من اللفظ الذي اصطلحت عليه الشعراء, وإنما يريدون التشبيه بالفضلاء دون غيرهم؛ لأن الرجل إذا شبه بالعالم أو بالخليقة أجمعين فقد جعل مشبهًا بالسفلة وذوي العاهات؛ لأن البشر يقل فيه الفضلاء, وقد استعمل أبو الطيب مثل ذلك كثيرًا, كقوله:

ومنزلك الدنيا, وأنت الخلائق, ونحوه.

<<  <   >  >>