ويجوز أن يكون قولهم للسود شوم لأنهم تطيروا من السواد, وأخذوها من الشؤم, وأصله الهمز, ويجوز أن يكونوا لزموا فيه التخفيف, كما فعلوا ذلك في النبي والذرية, وقد تركت العرب همزة الشؤم في الفعل الماضي فقالوا: شامه, ويروى لكثير:
وما شامني إلا كتاب بعثته ... فليت يميني قبل ذلك شلت
فأما تصيير الهمزة في شؤمٍ واوًا فلا اختلاف في أنه لغة صحيحة تطرد في جميع ما كان مثله. ولما كانت الشامة تكون في الجلد استعاره أبو الطيب في هذا البيت, فجعل السيف شامةً في ندى الممدوح, والجلد الذي هي فيه المنفسات والعتاد, وهي قليلة فيها؛ لأن الشامة إنما تشغل ما قل من جلد الإنسان.
وقوله:
فرستنا سوابق كن فيه ... فارقت لبده وفيها طراده
الهاء في فيه راجعة على الندى, وقوله: فرستنا: أي: جعلتنا حاذقين بالفروسية؛ لأن كل من ركب الفرس سمى فارسًا, إلا أنه, وإن ركب, جائز ألا يكون صاحب فروسة على ظهور الخيل. والهاء في لبده راجعة إلى الممدوح, واللبد هاهنا واحد في معنى الجمع. والهاء في طراده ترجع إلى الممدوح أيضًا؛ أي: أنه فارس على الخيل, فهذه السوابق قد فارقت ركابه, إلا أنها متعودة ما عودها من الطراد, فنحن نجده فيها إذا أردناه.