والكاف في كذا منصوبة بقولي, وليست جاريةً في هذا الموضع مجرى قولهم: أعطيته كذا وكذا, وفعلت به كذا؛ لأن تلك خرجت من الباء إلى سواه. وكذا هاهنا في موضعها الأصلي, والمعنى: ما قولي مثل هذا القول والصبر معي, وهذا إنكار على نفسه؛ لأنه ذكر طعانه الدهر وحيدًا وذلك جارٍ مجرى الشكوى منه فكأنه أنكر أن يقول هذه المقالة, وليس هو إكذابًا, إنما الإكذاب مثل قول زهيرٍ:[البسيط]
قف بالديار التي لم يعفها القدم ... بلى وغيرها الأرواح والديم
وقوله:
وتضريب أعناق الملوك وأن ترى ... لك الهبوات السود والعسكر المجر
الأعناق: واحدها عنق وعنق وعنق. والهبوات: جمع هبوةٍ وهو الغبار. والمجر: العسكر العظيم, ومنه قولهم: أمجرت الشاة إذا عظم بطنها على الحمل, وقد ذكر أن ذلك يقال في الناقة, قال امرؤ القيس:
ومجرٍ كغلان الأنيعم قاصدٍ ... ديار العدو ذي زهاءٍ وأركان
وقوله:
وتركك في الدنيا دويًا كأنما ... تداول سمع المرء أنمله العشر
هذا المعنى مبني على أن الإنسان إذا جعل إصبعيه في أذنيه سمع دويًا, وهو الذي جاء في الحديث المرفوع, وذلك قوله:«من شاء أن يسمع خرير الكوثر فليجعل إصبعيه في أذنيه».