هذا من الدعوى التي تقدم ذكرها, وهي من المبالغة التي تستحسنها الشعراء. وفي هذا البيت إدماج, وهو لقب موضوع يعنون به أن تكون لام التعريف في النصف الأول, والمعرف في النصف الثاني, والتنصيف على سبعة أضربٍ.
تنصيف البيان: وهو أن يتم المعنى في النصف الأول, ويجيء النصف الآخر كالمبين له والشارح, كقول الفرزدق: [الطويل]
قوارص تأتيني ويحتقرونها
فهذا كلام تام ثم قال:
وقد يملأ القطر الإناء فيفعم
أي: أن القوارص تجيء قليلًا بعد قليلٍ, فتجتمع حتى تحدث الغضب والعداوة, كما أن القطر يقع شيئًا بعد شيءٍ فيمتلئ منه الإناء. وبعض الناس يروي: وقد يملأ القطر الأتي؛ أي: مجرى السيل.
والتنصيف التام: وهو الذي يكمل معناه, ولو سكت عنه لاكتفى به كقول أبي ذؤيب: [الكامل]
أودى بني وأعقبوني حسرةً
فهذا كلام تام.
والتنصيف المحتاج وهو الذي لا يكمل معناه إلا بما بعده, كقوله: [الكامل]
والدهر لا يبقى على حدثانه
فهذا كلام يحتاج على تمام, وذلك قوله:
جون السراة له جدائد أربع
وتنصيف الاقتضاء: وهو أن يكون في النصف الأول حرف قد جرت العادة بأن لا يسكت عليه, كقد, أو الذي, أو نحو ذلك, كقول القطامي: [البسيط]