أني نفست على هذه الصورة بأن تقرب من ذلك المصور, ولو كنت تلك الصورة لخفيت من نحولي حتى يظهر من قد وارته. ويحتمل أن (٨٢/ب) يكون المراد مقصورًا على صفة نفسه بالنحول, ويجوز أن يضاف إليه إرادته أن يظهر هذا المستور فيراه؛ لأنه قد حجب عنه بالستر.
وقوله:
لا تترب الأيدي المقيمة فوقه ... كسرى مقام الحاجبين وقيصرا
يقول: لا تترب يدك إذا دعي له بأن لا يفتقر, وتربت يداه إذا دعي عليه بالفقر, وأصل ذلك ألا يبقى له مال فلا يجد شيئًا يولع به إلا التراب, ودعا للأيدي التي صورت كسرى وقيصر, وجعلتهما كالحاجبين لهذا الشخص المستور؛ أي: إنه أهل أن يكون هذان الملكان له حاجبين فقد وفقت الأيدي المصورة ذلك, وكأن هذا المعنى ينظر إلى قول الحكمي:
بنينا على كسرى سماء مدامةٍ ... مكللةً حافاتها بنجوم
يريد أن صورة كسرى كانت في الكأس وهو نحو قوله في الأخرى:
قرارتها كسرى وفي جنباتها ... مها تدريه بالقسي الفوارس
وقوله:
تقيان في أحد الهوادج مقلةً ... رحلت وكان لها فؤادي محجرا
إذا روي: تقيان عني بهما الصورتان الممثل بهما كسرى وقيصر, وإن رويت بالياء, فهو أشد مبالغة في وصف الشخص المحجوب؛ لأنه جعل الملكين كأنهما توليا الحجبة لا صورتاهما اللتان لا تحسان.
وقوله:
فإذا السحاب أخو غراب فراقهم ... جعل الصياح ببينهم أن يمطرا
من شأنهم أن يصفوا التفرق والظعن إذا صابت السحب؛ لأنهم يتفرقون لانتجاع الكلأ,