وقوله:
وبه يضن على البرية لا بها ... وعليه منها لا عليها يوسى
البرية: الخلق, يقال: إن أصلها الهمز؛ لأنها من برأها الله سبحانه؛ أي: خلقها. ولكنهم تركوا همزها تركًا مستمرًا فلم يهمزها إلا أناس قليل, وقيل: هي مأخوذة من البرا؛ أي: التراب, فلذلك لم تهمز.
ويوسى: من الأسى, وهو الحزن. وأصل الواو فيها الهمز, ولا يجوز همزها في هذا الموضع؛ لأن ذلك يؤدي إلى فقد اللين.
وقوله:
لو كان ذو القرنين أعمل رأيه ... لما أتى الظلمات صرن شموسا
ذو القرنين: هو المذكور في كتاب الله سبحانه, وقد اختلف في تسميته بهذا الاسم؛ فأشبه ما يقال في ذلك أنه كان له قرنان من شعرٍ؛ أي: ذؤابتان. وبعض أصحاب الكتب المتقدمة يذكر في ذلك شيئًا مستحيلًا, وهو أنه كان قرنا رأسه من نحاسٍ. وقرن الرأس جانبه, وقيل: سمي ذا القرنين؛ لأنه بلغ المشرق والمغرب فكأنهما جعلا قرني الأرض.
وقوله:
أو كان صادف رأس عازر سيفه ... في يوم معركةٍ لأعيا عيسى
عازر: اسم ليس بعربي, إلا أنه يوافق من العربية فاعلًا من العزر والتعزيز, يقال: عزرت الرجل إذا هبته وعظمته. وعزرته إذا ضربته دون الحد. والعزر شجر أيضًا.
وهذا البيت يدل على أن أبا الطيب سمع أن عيسى عليه السلام أحيا عزر, وعيسى: كلمة غير عربية أيضًا؛ إلا أنها وافقت فعلى من العيس وهي الإبل البيض التي يعلو بياضها شقرة. يقال: بعير أعيس بين العيس, والعيس أيضًا ماء الفحل, وقالوا: عاس المال يعوسه إذا أحسن القيام عليه, فلو بني من هذا اسم على فعلى لقيل: عيسى, فقلبت الواو ياءًا لانكسار ما قبلها. ومثل ذلك قولهم: قسمة ضيزى, وهي من ضازه يضوزه إذا ظلمه ونقصه من حقه, وقد حكي: ضازه يضيزه.