فيحتمل الوجهين, إلا أن المحدثين أشد مبالغةً في الصفات من الشعراء المتقدمين, وإنما سمي الدن نفسصا؛ لأنه بقاء للنفس, ومتى ذهب لم يكن لها في الجسم مقام.
وقوله:
يا من نلوذ من الزمان بظله ... أبدًا ونطرد باسمه إبليسا
الظل: أصله الستر, وإذا قالوا: جلس في الظل وفي الشمس فالمراد به ما استتر عنها, أو ما ستر الجاليس فيه. والفيء ما كان فيه فزالت عنه, ومن الظل قولهم: أظله الأمر كأنه أشرف عليه فكان له كالستر, وجمع الظل أظلال في القلة, وظلول في الكثرة. قال الراجز:
إذا البخيل لج في بخوله ... وغال شح نفسه بغوله
كنت الذي يعاش في ظلوله
وقال آخر:[الطويل]
وقد صرت في شرق البلاد وغربها ... وقد لوحتني شمسها وظلولها
وإذا وصفوا الفرس بالسرعة قالوا: هو يباري ظله, كأنهم يريدون أنه يكاد من سرعته يسبقه. قال لبيد:[الرمل]
يطرد الزج يباري ظله ... بطريرٍ كالسنان المنتخل
وكثر قولهم: فلان في ظل الشجرة, وفي ظل الجدار, حتى قالوا: هو في ظل فلانٍ؛ أي: في عزه ومنعته. وسموا العزر ظلًا في بعض المواضع, قال الشاعر:[الطويل]
فلو كنت مولى الظل أو في ظلاله ... ظلمت ولكن لا يدي لك بالظلم