ولو أن هذا البيت في قصيدةٍ منصوبة لجاز نصب أنتجع على إضمار أن, كما تقول: أكرم الناس وأدع نفسي؟ ! وأنت منكر لذلك؛ أي: أيكون مني إكرام لهم, وأن أدع نفسي.
وقوله:
والمشرفية لازالت مشرفةً ... دواء كل كريمٍ أو هي الوجع
جمع الوجع: أوجاع ولم يجمع على غير هذا المثال, وهو في الأصل مصدر كان ينبغي ألا يجمع؛ إلا أنه لما اختلفت أنواعه جمع. قال الراجز: [الراجز]
داو بها ظهرك من أوجاعه ... من خزراتٍ فيه وانقطاعه
الخزرات: جمع خزرة, وهو وجع يأخذ في الظهر. والفعل وجع يوجع, وإذا كان الماضي على فعل, وأوله واو جاء مستقبله على يفعل, وظهرت الواو ساكنةً في يفعل, فقيل: يوجع ويوجل ويوحل, فهذا الأصل, ويجوز فيه بعد ذلك ثلاث لغاتٍ؛ فمنهم من يكسر الياء فتنقلب الواو التي بعدها ياءً لسكونها وانكسار ما قبلها, فيقولون: يبجع, ويبجل, وييحل, ومنهم من إذا كسر الياء فر من كسرة الياء الأولى, ومجيء الثانية بعدها إلى فتح أول الفعل فيقول: يبجع. ويبجع أكثر وأقيس, ومنه قول متممٍ: [الطويل]
فقعدك ألا تشعريني ملامةً ... ولا تنكئي قرح الفؤاد فييجعا
وبعضهم يقلب واو يوجع ألفًا؛ فيقول: ياجع وياجل, وإنما يقول: ييجع فيكسر من يقول في المضارع: اعلم وإخال, وهي لغة قيسية.