وقوله:
وكنت أعيب عذلًا في سماحٍ ... فها أنا في السماح له عذول
الهاء في له عائدة على السحاب, والمعنى: أني كنت أعيب عذلًا في السماح, فلما دام هذا المطر عذلته في الدوام؛ لأنه منعنا من السير, وهذا اللفظ على أن سيف الدولة أراد المسير فسأله الشاعر أن يتلبث.
وقوله:
وما أخشى نبوك عن طريقٍ ... وسيف الدولة الماضي الصقيل
لما أخبر عن السحاب بالهاء, فقال: فها أنا في السماح له عذول, رجع إلى خطاب سيف الدولة؛ لأنه ابتدأ في أول الأبيات بخطابه, ولو أمكنه أن يقول: وأنت سيف الدولة لكان ذلك أبين, ولكنه لم يمكنه الوزن من المراد, وهذا كقولك لرجل اسمه علي أو غيره: قد فعلت حميلًا, وعلي أهل لذلك. فاستغنى بعلم المخاطب بالمراد عن أن يقول: وأنت من أمرك.
وقوله:
وكل شواة غطريفٍ تمنى ... لسيرك أن مفرقها السبيل
الشواة: جلدة الرأس, واختلف أبو عمرو بن العلاء وأبو الخطاب الأخفش في بيت الأعشى, فرواه أبو عمروٍ: [مجزوء الكامل]
قالت قتيلة ما له ... قد جللت شيبًا شواته
وروى أبو الخطاب: سراته؛ أي: أعلى رأسه, والمعنى واحد. ويقال لجلد جميع الجسد: شواة, ومنه قوله تعالى: {نزاعةً للشوى} , وقال أمية بن أبي الصلت, وكان قد قرأ الكتب التي في أيدي أهل الملل فنظم شيئًا منها في شعره: [الطويل]
سينزع في النار التي هو داخل ... شوى كان في الدنيا به يتزين
وتمنى يحتمل وجهين: أحدهما أن يكون تتمنى بتاءين, ويكون متمنيه الشواة, والآخر أن يكون تمنى فعلًا ماضيًا, وفيه ضمير يعود إلى الغطريف.