للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله:

وكنت أعيب عذلًا في سماحٍ ... فها أنا في السماح له عذول

الهاء في له عائدة على السحاب, والمعنى: أني كنت أعيب عذلًا في السماح, فلما دام هذا المطر عذلته في الدوام؛ لأنه منعنا من السير, وهذا اللفظ على أن سيف الدولة أراد المسير فسأله الشاعر أن يتلبث.

وقوله:

وما أخشى نبوك عن طريقٍ ... وسيف الدولة الماضي الصقيل

لما أخبر عن السحاب بالهاء, فقال: فها أنا في السماح له عذول, رجع إلى خطاب سيف الدولة؛ لأنه ابتدأ في أول الأبيات بخطابه, ولو أمكنه أن يقول: وأنت سيف الدولة لكان ذلك أبين, ولكنه لم يمكنه الوزن من المراد, وهذا كقولك لرجل اسمه علي أو غيره: قد فعلت حميلًا, وعلي أهل لذلك. فاستغنى بعلم المخاطب بالمراد عن أن يقول: وأنت من أمرك.

وقوله:

وكل شواة غطريفٍ تمنى ... لسيرك أن مفرقها السبيل

الشواة: جلدة الرأس, واختلف أبو عمرو بن العلاء وأبو الخطاب الأخفش في بيت الأعشى, فرواه أبو عمروٍ: [مجزوء الكامل]

قالت قتيلة ما له ... قد جللت شيبًا شواته

وروى أبو الخطاب: سراته؛ أي: أعلى رأسه, والمعنى واحد. ويقال لجلد جميع الجسد: شواة, ومنه قوله تعالى: {نزاعةً للشوى} , وقال أمية بن أبي الصلت, وكان قد قرأ الكتب التي في أيدي أهل الملل فنظم شيئًا منها في شعره: [الطويل]

سينزع في النار التي هو داخل ... شوى كان في الدنيا به يتزين

وتمنى يحتمل وجهين: أحدهما أن يكون تتمنى بتاءين, ويكون متمنيه الشواة, والآخر أن يكون تمنى فعلًا ماضيًا, وفيه ضمير يعود إلى الغطريف.

<<  <   >  >>