وقالوا في المثل: «أعز من الأبلق العقوق» يريدون ما يمنع من الأشياء, وقالوا في تفسيره بأن الأبلق ذكر, والعقوق من صفات الإناث؛ فكأن ذلك معنى لا يوجد, لأن الذكر لا يكون عقوقًا, يقال: أعقت الحامل إذا عظم بطنها للحمل, وأنشد ابن حبيب: [الخفيف]
طلب الأبلق العقوق فلما ... لم ينله أراد بيض الأنوق
وقال ابن الأعرابي: إنما أرادوا بقولهم: أشهر من الأبلق العقوق: الصبح؛ لأنه يعق الليل؛ أي يشقه, وهذا أشبه من القول الأول.
وقوله:
ويوم شراب بنيه الردى ... بغيض الحضور إلى الواغل
يقول: وكم لك من خبرٍ ومن يومٍ شراب بنيه الموت, فهو بغيض الحضور إلى الواغل, وهو الذي يدخل على القوم في شرابهم ولم يدع إليه, واسم الشراب: الوغل, قال عمرو بن قميئة: [السريع]
إن أك مسكرًا فلا أشرب الـ ... ـوغل ولا يسلم مني البعير
وقوله:
تفك العناة وتغني العفاة ... وتغفر للمذنب الجاهل
العناة: جمع عناةٍ, وهو الأسير, والمرأة عانية في يد الرجل, وفي الحديث المأثور: «اتقوا الله في النساء فإنهن عوانٍ في أيديكم». ويقال للخمر: عانية؛ لأنها كالأسيرة في الدن, وإنما قيل: عانية بالتشديد, وإذا قيل لها: عانية؛ فهي منسوبة إلى عانة هذا الموضع الذي يقرب من رحبة مالك بن طوقٍ.