للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا أقمنا في معنى لم نقم, ومنه قول الشاعر: [الوافر]

وأية ليلةٍ لا كنت فيها ... كحادي النجم يحرق ما يلاقي

أي لم يكن فيها. ويجوز أن يكون قوله: لا أقمنا على معنى القسم, كأنه قال: والله لا أقمنا, والمكان لا يمكنه أن يرحل معنا, وقد أبان هذا المعنى فيما بعده فقال:

كلما رحبت بنا الروض قلنا ... حلب قصدنا وأنت السبيل

كأنهم يعتذرون إلى الأماكن والروض إذا رحب بهم؛ لأنه مسرور بنزولهم, وهم لا يقدرون على الإقامة وهو لا يمكنه الرحيل.

وقوله:

فيك مرعى جيادنا والمطايا ... وإليها وجيفنا والذميل

أي إنا لا نقصدك وإنما نستعين بما فيك من المراتع لنصل إلى حيث نريد. والوجيف والذميل ضربان من السير كلاهما سريع.

وقوله:

الذي زلت عنه شرقًا وغربًا ... ونداه مقابلي ما يزول

ومعي أينما سلكت كأني ... كل وجهٍ له بوجهي كفيل

يقول: هذا الأمير زلت عنه مسافرًا في المشرق والمغرب ولم يزايلني معروفه ونداه؛ فهو معي أينما سلكت كأن كل وجهٍ له بوجهي كفيل. الهاء في له تحتمل وجهين: أن يعودا إلى الندى وإلى الممدوح. وقوله: كل وجه؛ يريد: كل وجه أتوجه إليه من البلاد كأنه كفيل بوجهي للندى أو للممدوح, ويجوز أن يكون قوله: كل وجهٍ؛ يعني وجوه من يلقاه من الناس. والوجه كلمة عامة يجوز أن يدخل فيها الوجه من الأرض والوجه من وجوه الأنيس.

وقوله:

فإذا العذل في الندى زار سمعًا ... ففداه العذول والمعذول

المعنى: أن هذا الممدوح لا يجسر أحد أن يعذله في نداه لأنه يرهب أن يعاقبه على ذلك. يقول: فإذا العذل زار سمعك في الجود ففداه العذول والمعذول؛ لأن المعذول يجوز أن يقبل

<<  <   >  >>