هم اللاؤون فكوا الغل عني ... بمرو الشاهجان وهم جناحي
وقوله: اللاء يجوز أن يكون نعتًا للظباء, ولا يمتنع أن يكون محمولًا على قوله: من كل تابعةٍ؛ لأن كل قد دلت على معنى الجمع, فإذا حمله على الظباء فاللاء في موضع خفضٍ لأنه نعت, وإذا حمله على كل تابعةٍ؛ فهو بدل معرفةٍ من نكرةٍ. وقوله: أفتكها الجبان بمهجتي؛ أي أفتكها بمهجتي الجبان. يعني أنه مغرم بامرأة وليس للنساء شجاعة الرجال. ولو أمكنه أن يقدم الباء في بمهجتي على الجبان لكان ذلك أوجه؛ ولكنه لم يستقم له الوزن, وأفعل إذا كان للتضعيف لم يعمل. والباء متصلة بأفتك اتصالًا بينًا, وكذلك إذا قلت: مررت بالذين أحبهم فلان إلي؛ فالوجه تقديم إلي على فلان لئلا يفصل بينه وبين أحب.
وقوله:
الراميات لنا وهن نوافر ... والخاتلات لنا وهن غوافل
من عادة الرامي أن يرمي وهو مقابل للمرمي, وهؤلاء النوافر إذا نظرنا إليهن في حال النفار فهن كالرماة الذين يقصدوننا بالرمي وهن مع ذلك نوافر. ووصفهن بالختل وهن غوافل؛ وإنما يعني أنهن يكن سبب الختل ولا ذنب لهن في ذلك؛ وإنما الذنب للمختول الذي جاءه الختل من قبل نفسه.
وقوله:
كافأتنا عن شبههن من المها ... فلهن في غير التراب حبائل
كافأننا: فاعللنا من الكفء وهو من قولهم: فلان كفؤ لفلان وكفيء له, قال الشاعر:[الطويل]
أما كان عباد كفيئًا لدارمٍ؟ ... بلا ولأبياتٍ بها الحجرات
يقول: هؤلاء النساء المشبهات بالظباء كافأننا عن شبههن من بقر الوحش؛ لأن الصادة منا يقتنصوهن؛ فقد كافأننا عنهن؛ إلا أنهن لا ينصبن الحبائل للصيد كما يفعل القناص من بني آدم.