للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جوازٍ -، ويستمرُّ وقتُ الجوازِ إلى زوالِ الشمسِ، فإذا زالتِ الشمسُ فهوَ وقتُ وجوبٍ (١). وكذا لو صلَّى جماعةٌ في وقتِ الجوازِ وآخرونَ في وقتِ الوجوبِ، فهَل يمتنعُ البيعُ والشراءُ عندَ نداءِ الصلاةِ الأُولى إلى انقضائِها، أم عندَ نداءِ الصلاةِ الثانيةِ، أو في حقِّ من يريدُ الصلاةَ مع إمامِه -على ما وجَّهَه الشيخُ مرعي-؟ فتأمل (٢)!.

ويحرمُ أيضًا الاشتغالُ بسائرِ الصناعاتِ منَ الشروع في النداءِ الثانِي، أو منَ الوقتِ الذي إذا سعَى فيهِ أدركَها من كانَ منزلُه بعيدٌ (٣). (وَكَذَا) يحرمُ ولا يصحُّ البيعُ والشراءُ (لَوْ تَضَايَقَ وَقْتُ) صلاةِ (المَكْتُوبَةِ)، وبقيَ منَ الوقتِ قدرَ ما يسعُها (٤). قالَ في "الإنصافِ": "قلْتُ: ويحتملُ أن يحرمَ إذا فاتتْهُ الجماعةُ بذلكَ، وتعذرَ عليهِ جماعةٌ أخرَى حيثُ قلْنَا بوجوبِها". انتهى (٥). فإن لم يؤذِّنْ للجمعةِ حرُمَ وامتنعَ صحةُ البيعِ والشراءِ إذا تضايقَ وقتُها (٦). ويصحُّ مَن وجبَتْ عليهِ صلاةُ الجمعةِ أن يُمضيَ وقتَ النداءِ بيعَ خيارٍ أو يفسخَه (٧). ويصحُّ مع الحرمةِ تعاطي سائرَ العقودِ


(١) صرَّح في المغني: أنه لا فرق في تعلق الأحكام بالنداء الثاني -ومنها: تحريم البيع- بين أن يكون قبل الزوال بعده، وعلل ذلك بأن الله تعالى علَّقه على النداء لا على الوقت. ولذلك لا يصح قول من قال: إن البيع يحرم بزوال الشمس، وإن لم يجلس الإمام على المنبر؛ لما ذكرناه. ثمَّ قال: "ولأنه لو اختص تحريم البيع بالوقت لما اختص بالزوال فإن ما قبله وقت أيضًا". وهذا يُشعر أنه يحكم بحرمة البيع بالنداء الثاني ولو كان قبل وقت الوجوب. انظره في: ٣/ ١٦٣، وتبعه في الشرح ٤/ ٤٠.
(٢) مقتضى ما سبق أنه إذا صلّيت الجمعة في جامعَين فأكثر أن التحريم ينعقد بأسبقهما نداءً. ومقتضى ما تقدم نقله عن المغني والشرح أنه لا فرق في تعلق الأحكام بالنداء الثاني أن يكون قبل الزوال أو بعده. فالتأمل يقتضي: أن يحرم البيع والشراء من نداء الصلاة الأولى حتى انقضائها، في حق من يريد أن يصلي مع إمام هذه الجماعة، ولو كان ذلك قبل وقت الوجوب. والله أعلم.
(٣) انظر: الإقناع ٢/ ١٨٠، شرح منتهى الإرادات ٢/ ٢٢، مطالب أولي النهى ٣/ ٥١.
(٤) انظر: الرعاية الصغرى ١/ ٣٠٩، التوضيح ٢/ ٥٩٩، معونة أولي النهى ٤/ ٥٦.
(٥) انظره في: ٤/ ٣٢٦.
(٦) وأما قبل ذلك فلا يحرم. انظر: شرح الزركشي ١/ ٢٦٨، كشاف القناع ٣/ ١٨١، مطالب أولي النهى ٣/ ٥١.
(٧) انظر: المستوعب ٢/ ٣٢، الإنصاف ٤/ ٣٢٦، غاية المنتهى ٢/ ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>