للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذلكَ (١)؛ لأن النبيَّ استَسْلفَ بَكْرًا فَرَدَّ خَيرًا منهُ، وقَالَ: "خَيرُكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً" متفقٌ عليهِ من حديثِ أبي رافعٍ (٢). وإن فعلَ مقترضٌ ذلكَ قبلَ الوفاء، ولم ينوِ مقترضٌ احتسابَه من دينِه، أو لم ينوِ مَكافأتَه، لم يجُزْ (٣)، إلا إنْ جرَتْ عادةٌ بينهُما بهِ قبلَ قرضٍ (٤)؛ لحديثِ أنسٍ مرفوعًا: "إِذَا أَقْرَضَ أَحَدُكُمْ فَأُهْدِيَ إِلَيهِ أَوْ حَمَلَهُ عَلَى الدَّابَّةِ فَلَا يَرْكبْهَا وَلَا يَقْبَلْهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ جَرَى بَينَهُ وَبَينَهُ قَبْلَ ذَلِكَ" رواهُ ابنُ ماجه، وفي إسنادهِ كلامٌ (٥). وكذا كلُّ غريمٍ حكمُه كالمقترضِ (٦). فإن استضافَه مقترضٌ حسبَ له مقرضٌ ما أكلَ (٧). وأمَّا في دعواتِ الوليمةِ ونحوِها، فلا يضرُّ ذلكَ، فهو كغيرِه (٨).

(وَمَتَى بَذَلَ المُقْتَرِضُ) أوِ الغاصبُ (مَا عَلَيهِ بِغَيرِ بَلَدِ الْقَرْضِ) أو الغصبِ (وَلَا مَؤُنَةَ لِحَمْلِهِ لَزِمَ رَبُّهُ) أي: ربُّ القرضِ (قَبُولُ) أخذِ (هِ) إذا كانَ ذلكَ (مَعَ أَمْنِ الْبَلَدِ وَالطَّرِيقِ) (٩)؛ لعدمِ الضررِ عليهِ. وكذَا ثمنٌ، وأجرةٌ، ونحوُهما.


(١) انظر: المغني ٦/ ٤٣٩، غاية المنتهى ٢/ ٨٥، الإقناع ٢/ ٣٠٧.
(٢) الرواية المتفق عليها هي من حديث أبي هريرة . وفيها: فقالَ الرجلُ: أوفَيتَنِي أوفَاكَ الله.
فقالَ رسُولُ الله : "أَعْطُوهُ فَإِنَّ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ أَحْسَنَهُمْ قَضَاءً". أخرجه البخاري في كتاب الاستقراض وأداء الديون. باب هل يعطى أكبر من سنه (٢٣٩٢) ٢/ ٨٤٣، ومسلم في كتاب المساقاة، باب من استسلف شيئًا فقضى خيرًا منه (١٦٠١) ٢/ ١٢٢٥.
وحديث أبي رافع عند مسلم، وقد تقدم تخريجه. في أول باب السلم.
(٣) أي: مجانًا. لكن إن نوى احتسابه من دينه أو مكافأته جاز. انظر: المستوعب ٢/ ١٧٥، الكافي ٢/ ١٢٦، الوجيز ١٩٥، الإنصاف ٥/ ١٣٣.
(٤) انظر: المقنع ١٧٥، الرعاية الصغرى ١/ ٣٤٣، التوضيح ٢/ ٦٥٥.
(٥) أخرجه في كتاب الصدقات، باب القرض (٢٤٣٢) ٢/ ٨١٣.
وأخرجه الطبراني في الأوسط (٤٥٨٥) ٥/ ٣٠، والبيهقي في سننه (١١٢٥٣) ٥/ ٣٥٠، وضعفه البوصيري في الزوائد ٢/ ٤٤، وابن عبد الهادي في تنقيحه ٤/ ١٠٧، لأجل "عتبة بن حميد" ضعفه أحمد، وقد تفرد برواية الحديث - كما ذكر الطبراني -، وفيه أيضًا "إسماعيل بن عياش" متكلم فيه. وضعفه الألباني في السلسلة ٣/ ٣٠٣، وزاد في علله: الاضطراب في سنده بين ابن ماجه وسعيد بن منصور، وجهالة ابن أبي يحيى، وروايته موقوفًا. اهـ. ورواية الوقف أشار إليها البيهقي في سننه ٥/ ٣٥٠. وأخرجها في شعب الإيمان (٥٥٣٢) ٤/ ٣٩٧.
(٦) انظر: الفروع ٦/ ٣٥٣، الإنصاف ٥/ ١٣٣، شرح منتهى الإرادات ٢/ ١٠٣.
(٧) انظر: الشرح الكبير ٤/ ٣٦٣، التنقيح المشبع ١٤١، الإقناع ٢/ ٣٠٧.
(٨) انظر: الإنصاف ٥/ ١٣٣، غاية المنتهى ٢/ ٨٦، كشاف القناع ٣/ ٣١٨.
(٩) انظر: الرعاية الصغرى ١/ ٣٤٢، الفروع ٦/ ٣٥٨، منتهى الإرادات ١/ ٢٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>